على «مِن» الذي يتعدَّى أَفْعَلُ به، فتقول: زيدٌ أَقربُ مِن عمرٍو مِن كلِّ خيرٍ؛ لأنَّ كلاَّ مِن الجارَّين يتعلَّق بأَفْعَلَ. وكذلك لو كان حرف الجر غير «مِن»، نحو: زيدٌ أَبصَرُ مِن عمرٍو بالنَّحو، وزيدٌ أَضْرَبُ مِن عمرٍو لِزيد، وبه جاء السماع، قال تعالى {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}. فإن اختلف المتعلَّق، نحو: زيدٌ أَضْرَبُ لِعمرٍو مِن خالدٍ لِجعفرٍ، وزيدٌ أَبْصَرُ بالنحو منه بالفقه ــ فالذي يظهر أنه لا يجوز تقديم المجرور الثاني على «مِن»، فلو قلت: زيدُ أَضْرَبُ لِعمرٍو لجعفرٍ مِن خالد، وزيدٌ أَبْصَرُ بالنحوِ بالفقهِ منه ــ لم يجز. وعلَّة ذلك ــ والله أعلمُ ــ أنَّ أَفْعَلَ التفضيل متضمَّن معنَى شيئين، أحدهما مصدر، فمتى اختلف المتعلُق أدَّى إلى تقدُّم معمول المصدر المتضمَّن عليه، فالمعنى: زيدٌ يزيدُ ضربُه لعمرٍو على ضربِ خالدٍ لجعفر، وكذلك: زيدٌ يزيدُ بَصَرُه بالنحوِ على بَصَرِه بالفقه، وكان القياس يقتضي منع التقديم على أَفْعَلِ التفضيل إذا اتَّحد المتعلُق، نحو: زيدٌ بالفقه أَبْصَرُ من عمرو، إذ التقدير: زيدٌ يزيدُ بَصَرُه بالفقهِ على بَصَرِ عمرٍو به، ولولا أنَّ السماع ورد به لُمنع، قال:
............................. ... وإنِّي لِما قد قُلتِ لي منكِ أَبْصَرُ