للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) رضي الله عنهما، أنه (قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في حَجَّتِهِ الَّتِي حَجَّ) هي حجة الوداع بفتح الواو، سُمّيت بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وَدّع فيها أصحابه بالوصيّة التي أوصاهم بها أن لا يرجعوا بعده كفّارًا وغير ذلك من الوصايا التي ذُكرت في خطبته -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة، وستأتي في "كتاب الحج" إن شاء الله تعالى، وأكّد التوديع بإشهاد الله سبحانه وتعالى عليهم بأنهم شَهِدوا أنه قد بلّغ ما أُرسل إليهم به (فَنَزَلَ في بَعْضِ الطَّرِيقِ) أي بمكان يُسمّى غَدِير خُمّ بضم الخاء المعجمة، وتشديد الميم: اسم غَيضة على ثلاثة أميال من الْجُحفة، عندها غَدير مشهور، يُضاف إلى الغيضة (فَأَمَرَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً) أي أمر مناديًا ينادي بقوله: "الصلاة جامعة". وتلك الصلاة هي الظهر، كما ذكره البوصيريّ في الزوائد، وعزاه إلى ابن أبي شيبة في "مسنده" (١).

[تنبيه]: يجوز في قوله: "الصلاة جامعة" أربعة أوجه: [الأول]: رفعهما على الابتداء والخبر. [والثاني]: نصبهما، الأول على أنه مفعول لفعل مقدّر: أي احضروا الصلاة، والثاني: على الحال. [والثالث]: رفع الأول على أنه مبتدأ حُذف خبره: أي الصلاة محضورة، ونصب الثاني على الحال. [والرابع]: العكس، أي نصب الأول على المفعولية لمقدّر، ورفع الثاني على أنه خبر لمحذوف: أي هي جامعة. والله تعالى أعلم.

(فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ -رضي الله عنه-، فَقَالَ: أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ) أي بجنسهم (مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟)

وفي رواية أحمد: "ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم"، وفيه إيماء إلى قوله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:٦] (قَالُوا) أي الصحابة الحاضرون (بَلَى) أي أنت أولى بهم من أنفسهم، فـ "بلى" حرف إيجاب، فإذا قيل: ما قام زيد، وقلت في الجواب: بلى، فمعناه إثبات القيام، وإذا قيل: أليس كان كذا، وقلت: بلى، فمعناه التقرير والإثبات، ولا تكون إلا بعد نفي، إما في أول الكلام كما تقدّم، وإما


(١) انظر ما كتبه الشيخ علي حسن في تحقيقه لهذا الكتاب ١/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>