للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في أثنائه كقوله عز وجل: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى} [القيامة:٣ - ٤] والتقدير: بلى نجمعها، وقد يكون مع النفي استفهام، وقد لا يكون، كما تقدّم، فهو أبدًا يرفع حكم النفي، ويوجب نقيضه، وهو الإثبات. قاله الفيّوميّ (١).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ) أي بخصوصه (مِنْ نَفْسِهِ؟) أي فضلًا عن بقيّة أهله (قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَذَا) إشارة إلى عليّ -رضي الله عنه- (وَلِيُّ مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُ) وزاد في رواية لأحمد: "وانصر من نصره، واخذُل من خذله". وزاد في رواية أخرى: "فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هنيئًا يا ابن أبي طالب، أصبحتَ وأمسيتَ مولى كل مؤمن ومؤمنة".

وقال السنديّ رحمه الله: معناه ألست أحقّ بالمحبّة والتوقير والإخلاص بمنزلة الأب للأولاد؟ يُنبّه على ذلك قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦]، وقوله: "فهذا وليّ من أنا مولاه" معناه: محبوب من أنا محبوبه، قال: ويدلّ على هذا المعنى قوله: "اللهم وال من والاه": أي أحبّ من أحبّه بقرينة "اللهم عاد من عاداه"، وعلى هذا فهذا الحديث ليس له تعلّقٌ بالخلافة أصلًا كما زعمت الرافضة، ويدلّ عليه أن العبّاس وعليّا ما فَهِمَا منه ذلك، كيف وقد أَمَر العبّاس عليّا أن يسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن هذا الأمر فينا أو في غيرنا؟ فقال علي: إن منعنا فلا يُعطينا أحدٌ، أو كما قال. انتهى كلام السنديّ رحمه الله (٢).

وقال القاري رحمه الله: تمسّكت الشيعة بأن هذا الحديث نصّ صريحٌ بخلافة عليّ -رضي الله عنه- حيث قالوا: معنى المولى الأولى بالإمامة، وإلا لما احتاج إلى جمعهم كذلك، وهذه من أقوى شُبَههم، ودَفَعها أهل السنّة بأن المولى بمعنى المحبوب، وعليّ -رضي الله عنه- سيّدنا وحبيبنا، وله معان أُخر، ومنه الناصر، وأمثاله، فخرج عن كونه نصّا، فضلًا عن أن يكون


(١) "المصباح المنير" ١/ ٦٢.
(٢) "شرح السنديّ" ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>