للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[ثالثها]: أن يكون من العام الذي أُريد به الخاصّ، فيكون المراد بالناس في قوله: "أقاتل الناس": أي المشركين من غير أهل الكتاب، ويدل عليه رواية النسائي بلفظ: "أُمرت أن أقاتل المشركين".

[فإن قيل]: إذا تَمّ هذا في أهل الجزية، لم يتم في المعاهدين، ولا فيمن منع الجزية.

[أجيب]: بأن الممتنع في ترك المقاتلة رفعها، لا تأخيرها مُدّةً، كما في الْهُدْنة، ومقاتلة من امتنع من أداء الجزية بدليل الآية.

[رابعها]: أن يكون المراد بما ذُكر من الشهادة وغيرها التعبير عن إعلاء كلمة الله، وإذعانُ المخالفين، فيحصل في بعض بالقتل، وفي بعض بالجزية، وفي بعض بالمعاهدة.

[خامسها]: أن يكون المراد بالقتال هو، أو ما يقوم مقامه، من جزية أو غيرها.

[سادسها]: أن يقال الغرض من ضرب الجزية اضطرارهم إلى الإسلام، وسبب السبب سبب، فكأنه قال: حتى يُسلموا، أو يلتزموا مما يؤديهم إلى الإسلام، قال الحافظ: وهذا أحسن ويأتي فيه ما في الثالث، وهو آخر الأجوبة. ذكره في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا صحيح، بل هو متّفقٌ عليه.

[فإن قلت]: في سند المصنّف رحمه الله انقطاع؛ لأن الجمهور أن الحسن البصريّ لم يسمع من أبي هريرة -رضي الله عنه- وإن كان الصحيح أنه سمع منه قليلًا، كما حقّقته في "شرح النسائيّ"- وكذا فيه أبو جعفر الرازيّ، متكلّم فيه، كما سبق في ترجمته قريبًا، فكيف يصحّ؟.

[قلت]: لا يضرّ ذلك؛ لأن المصنّف أخرجه في "كتاب الفتن" بسند صحيح،


(١) راجع "الفتح" ١/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>