إذا كانت أعمال الإنسان وتصرفاته لا تخلو من خطأ مقصود أو غير مقصود، فما من خطأ إلا وفيه عبرة، والناسُ عِظةٌ للناس.
ولعل من أفظع الخطيئات التي ارتكبناها في جهادنا ونضالنا الوطني (إذا لم نقل إنها أفظعها على الإطلاق) الاشتراك في الحكم متعاونين مع السلطة المحتلة التي رسمت لمن يتقدمون إلى المناصب الحكومية -من أي عنصر كانوا- خطة لا يسيرون على غيرها ودائرة لا يتجاوزون حدودها، فلم يبقَ أقلُّ فرق بين وطني مخلص مجاهد وخائن خانع مستسلم؛ كما يفعل هذا يفعل ذاك، والحرية للاثنين واحدة، وجُلّ ما هنالك أن الأول متى أُلقيَت إليه الأوامر من الملأ الأعلى يقول أولاً «لا» ثم يخضع، أما الثاني فيخضع لفوره! والنتيجة واحدة.