وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَحَدِيثِهِ حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فِي صِفَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ وَيَغِطُّ غَطِيطَ الْبَكْرِ وَيَنْفُخُ
إِلَى ضُرُوبٍ كَثِيرَةٍ لَسْتُ أُحْصِيهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ آثارا كثيرة متفرقة في التمهيد
وروى بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أو من ورائ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يشاء إنه على حكيم) الشورة ٥١
قَالَ تَرَى هَذِهِ الْآيَةَ تَعُمُّ مَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَشَرِ كُلِّهِمْ
وَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
وَالْوَحْيُ مَا يُوحِي اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ فَيُثَبِّتُ اللَّهُ مَا أَرَادَ مِنَ الْوَحْيِ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ فَيَكْتُبُهُ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَوَحْيُهُ
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ لَا يُكَلِّمُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُ يَكُونُ سِرَّ غَيْبٍ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ رُسُلِهِ
وَمِنْهُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَلَا يَكْتُمُونَهُ أَحَدًا وَلَا يُؤْمَرُونَ بِكِتْمَانِهِ وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِهِ النَّاسَ حَدِيثًا وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَيُبَلِّغُوهُمْ إِيَّاهُ
وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَيُوحِيهِ وَحْيًا فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ
وَقَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ كَانَ يُرْسِلُ جِبْرِيلَ إِلَى مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فَقَالَ فِي كِتَابِهِ (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قلبك) البقرة