قَوْمِهِ فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ (أَبِهِ جُنُونٌ أَبِهِ رِيحٌ) فَقَالُوا لَا فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَزَّالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِهَزَّالٍ (لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ)
قَالَ وَهَزَّالٌ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخْبِرَهُ
ذكره عبد الرزاق عن بن عيينة
قال وقال بن عُيَيْنَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ (أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهَا وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ سَتْرَ الْمُسْلِمِ عَلَى نَفْسِهِ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُدُودِ وَالتَّوْبَةَ مِنْهَا وَالنَّدَمَ عَلَيْهَا وَالْإِقْلَاعَ عَنْهَا أَوْلَى بِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ
أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَشَارَ بِذَلِكَ عَلَى الرجل الذي اعترف عنده بالزنى وَكَذَلِكَ فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَهُوَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي الْآثَارِ
وَكَذَلِكَ إِعْرَاضُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ حين اقر على نفسه بالزنى حَتَّى أَكْثَرَ عَلَيْهِ كَانَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - رَجَاءَ أَلَّا يَتَمَادَى فِي الْإِقْرَارِ وَأَنْ يَنْتَبِهَ وَيْرَعَوِيَ ثُمَّ يَنْصَرِفَ فَيَعْقِدَ التَّوْبَةَ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ
هذا مذهب من قال ان الاعتراف بالزنى مَرَّةً وَاحِدَةً يَكْفِي
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِقْرَارِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ! فَقَالُوا إِنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتِمَّ إِقْرَارُهُ عِنْدَهُ
وَلَيْسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ إِلَيْهِ إِقَامَةُ الْحُدُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَنْ كَانَ ذَلِكَ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ له - اذا بلغته وَثَبَتَ عِنْدَهُ مَا يُوجِبُهَا - إِلَّا إِقَامَتُهَا وَلَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَلِكَ
وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ اقرار المعترف في الزنى وَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ أَمْ لَا في حديث بن شِهَابٍ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شاء الله