أبي حنيفة، وفي إحدى الروايَتَيْنِ عن الإِمام أحمدَ؛ لكن يلزمها ذبح بَدَنةٍ وتأثمُ بدخولها المسجدَ وهي حائضٌ؛ فيقال: لا يحلُّ لكِ دخول المسجدِ وأنت حائض؛ لكن إنْ دَخَلْتِ وطفتِ أَثِمْتِ وصَحَّ طوافُكِ وأَجْزَأَكِ عن الفَرْضِ!
* وأَمَّا الصنف الرابع -وهي التي سَافَرتْ من مكة شَرَّفها اللهُ تعالى قبل الطواف-؛ فقد نَقَلَ المِصْرِيُّون (١) عن الإِمام مالكٍ: أنَّ مَنْ طافَ طوافَ القُدوم وسعى ورجَعَ إلى بلده قبل طوافِ الإِفاضةِ جاهلًا أو ناسيًا، أجْزَأَ عن طوافِ الإِفاضةِ.
ونَقَلَ البغداديُّون عن مالكٍ خلافَهُ.
حكى الروايتَيْنِ عن مذهب الإِمام مالكٍ رحمه الله القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد المالكيُّ في كتاب "المنهاج في مناسك الحجِّ"، وهو كتابٌ جليل مشهورٌ عند المالكية.
ويَتَخَرَّجُ على روايةِ المصريين عن مالكٍ، سقوط طواف الإِفاضةِ عن الحائض التي تَعَذَّرَ عليها الطوافُ والإِفاضةُ؛ فإنَّ عُذْرَها أَظْهَرُ من عُذْرِ الجاهل والناسي.
فإن لم يعمل بهذه الرواية أولم يَصِحَّ التخريجُ المذكور، وأرادت الخروج من محظور الإِحرام؛ فعلى قياس أصولِ مذهب الإِمام الشافعيِّ وغَيْرِهِ تَصْبِرُ حتى تجاوز مكة بيوم أو يَوْمَيْن بحيث لا يمكنها الرجوع إلى مكة خوفًا على نفسها أو مالها، فتصير حينئذٍ كالمُحْصَرِ؛ لأنها تتيقن الإِحصار لو رجعت إلى مكة.
(١) في "حاشية الهيتمي على الإِيضاح للنووي": البصريون، وهو تحريف.