للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٥٩٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ الْمِصْرِيُّ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ إِمْلَاءً فِي كِتَابِهِ سَنَةَ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ سَعِيدٌ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، فَقَدْ وَقَعَ فِي صَدْرِي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «تَكْذِيبٌ؟» فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ بِتَكْذِيبٍ، وَلَكِنِ اخْتِلَافٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَهَلُمَّ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ» ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَسْمَعُ اللهَ يَقُولُ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: ٢٧] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى {لَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] ، فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِي قَوْلِهِ {السَّمَاءِ بَنَاهَا، رَفَعَ سَمْكَهَا فسَوَّاهَا، وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا، وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٢٨] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأُخْرَى {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ٩] ، فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ، {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] ، {وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٨] ، {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤] ، فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هَاتِ مَا فِي نَفْسِكَ» ، قَالَ السَّائِلُ إِذَا أَنْبَأْتَنِي بِهَذَا فَحَسْبِي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] ، فَهَذَا فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى، يُنْفَخُ فِي الصُّوَرِ، فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ، فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ إِذَا كَانَ فِي النَّفْخَةِ الْأُخْرَى قَامُوا {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ⦗٢٤٦⦘ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: ٥٠] ، فَأَمَّا قَوْلُهُ {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] وَقَوْلُهُ {وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَغْفِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ، وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، وَلَا يَغْفِرُ شِرْكًا، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ رَبَّنَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَقَالُوا: نَقُولُ: إِنَّمَا كُنَّا أَهْلَ ذُنُوبٍ، وَلَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلِّ: أَمَّا إِذْ كَتَمْتُمُ الشِّرْكَ فاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ اللهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ {السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فسَوَّاهَا، وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا، وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٢٧] ، فَإِنَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ فدَحَاهَا، وَدَحَاهَا أَنْ أَخْرَجَ فِيهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَشَقَّ فِيهَا الْأَنْهَارَ، فَجَعَلَ فِيهَا السُّبُلَ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالرِّمالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] ، وَقَوْلُهُ {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: ٩] ، فَجُعِلَتِ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَجُعِلَتِ السَّمَاوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] ، {وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٨] ، {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤] ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْحَلْهُ غَيْرَهُ، وَكَانَ اللهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ "، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: «احْفَظْ عَنِّي مَا حَدَّثْتُكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَشْيَاءُ مَا حَدَّثْتُكَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنْزِلْ شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُونَ، فَلَا يَخْتَلِفَنَّ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللهِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>