٣٧٩ - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي مَخْلَدٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجُرُائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، اسْتَأْذَنَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، فَأَنْكَرَهُ الْبَوَّابُونَ، فَلَمْ يَأْذَنُوا لَهُ، فَجَاءَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، فَاسْتَأْذَنَ لَهُ الْحَجَّاجُ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَسَلَّمَ وَأَمَرَ رَجُلَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّرِيرَ أَنْ يُوَسِّعَا لَهُ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لِلَّهِ أَبُوكَ، أَتَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوكَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ جَدِّكَ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ؟، قَالَ: وَأَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُكَ اللهُ؟، فَرُبَّ حَدِيثٍ، قَالَ: حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ حِينَ حَضَرُوا عُثْمَانَ، قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَاكَ الْحَدِيثَ، أَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَوَسَّعُوا لَهُ حَتَّى دَخَلَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ؟، قَالَ: جِئْتُ لِأَتَثَبَّتَ حَتَّى تُسْتَشْهَدَ أَوْ يَفْتَحَ اللهُ لَكَ، وَلَا أَدْرِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ إِلَّا قَاتِلِيكَ، فَإِنْ يَقْتُلُوكَ فَذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَمَا خَرَجْتَ إِلَيْهِمْ خَيْرًا يَسُوقُهُ ⦗١٥٦⦘ اللهُ بِكَ أَوْ شَرًّا يَدْفَعُهُ اللهُ بِكَ، فَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ اجْتَمَعُوا وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ بِبَعْضِ مَا يُسَرُّونَ بِهِ، فَقَامَ خطيبا فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا بَعْدُ فَإِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَهُ، وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ، وَأَظْهَرَ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ الْمَسَاكِنَ فَاخْتَارَ لَهُ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَهَا دَارَ الْهِجْرَةِ، وَجَعَلَهَا دَارَ الْإِيمَانِ، فَوَاللهِ مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حَافِّينَ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ مُنْذُ قَدِمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا زَالَ سَيْفُ اللهِ مَغْمُودًا عَنْكُمْ مُنْذُ قَدِمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِهُدَى اللهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ بَعْدَ الْبَيَانِ وَالْحُجَّةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ نَبِيٌّ فِيمَا مَضَى إِلَّا قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ، وَلَا قُتِلَ خَلِيفَةٌ قَطُّ إِلَّا قُتِلَ بِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ، فَلَا تَعْجَلُوا عَلَى هَذَا الشَّيْخِ بِقَتْلٍ، فَوَاللهِ لَا يَقْتُلُهُ مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلَّا لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَدُهُ مَقْطُوعَةٌ مَشْلُولَةٌ، اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَالِدٍ عَلَى وَلَدٍ حَقٌّ إِلَّا وَلِهَذَا الشَّيْخِ عَلَيْكُمْ مِثْلُهُ، قَالَ فَقَامُوا، فَقَالُوا: كَذَبَتِ الْيَهُودُ كَذَبْتِ الْيَهُودُ، قَالَ: كَذَبْتُمْ وَاللهِ وَأَنْتُمْ آثِمُونَ، مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ إِنِّي لَأَحَدُ الْمُسْلِمِينَ يَعْلَمُ اللهُ بِذَلِكَ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَقَدْ أُنْزِلَ فِيِّ الْقُرْآنُ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عَلِمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣] ، وَأَنْزَلَ اللهُ الْآيَةَ الْأُخْرَى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: ١٠] ، قَالَ: فَقَامُوا فَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ فَذَبَحُوهُ كَمَا يُذْبَحُ الْحُلَّانُ، قَالَ شُعَيْبٌ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: مَا الْحُلَّانُ؟، قَالَ: الْحَمَلُ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ عُثْمَانُ قَبْلَ ذَلِكَ لَكَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ: يَا كَثِيرُ أَنَا وَاللهِ مَقْتُولٌ غَدًا، قَالَ: بَلْ يُعْلِي اللهُ كَعْبَكَ، وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ، قَالَ: ثُمَّ أَعَادَهَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: عَمَّ تَقُولُ ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَقَالَ ⦗١٥٧⦘ لِي: «يَا عُثْمَانُ أَنْتَ عِنْدَنَا غَدًا وَأَنْتَ مَقْتُولٌ غَدًا» ، فَأَنَا وَاللهِ مَقْتُولٌ، قَالَ: فَقُتِلَ، قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا، وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مِصْرَ، يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ قَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا وَاللهِ لَا يَزَالُ عَهْدٌ مَنْكُوثٌ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ، وَمَالٌ مَقْسُومٌ لَا يَنْقَسِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute