للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٢٨ - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا إِلَى مُؤْتَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ ⦗١٨٠⦘ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ عَلَى النَّاسِ» . فَتَجَهَّزَ النَّاسُ، ثُمَّ تَهَيَّأُوا لِلْخُرُوجِ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَلَمَّا حَضَرَ خُرُوجَهُمْ وَدَّعَ النَّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا وَدَّعَ عَبْدُ اللهِ مَعَ مَنْ وَدَّعَ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟، قَالَ: أَمَا وَاللهِ مَا بِي حُبُّ الدُّنْيَا وَصَبَابَةٌ بِكُمْ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ يَذْكُرُ فِيهَا النَّارَ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٧١] ، فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ بِالصَّدْرِ بَعْدَ الْوُرُودِ؟، فَقَالَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ: صَحِبَكُمُ اللهُ وَدَفَعَ عَنْكُمْ فَرَدَّكُمْ إِلَيْنَا صَالِحَيْنِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ:

[البحر البسيط]

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا

أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ خَرَّانَ مُجْهِزَةً ... بِحَرْبَةٍ تُنْفِذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا

حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي ... أَرْشَدَكَ اللهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا

ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ تَهَيَّأُوا لِلْخُرُوجِ، فَأَتَى عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُهُ، فَقَالَ:

فثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكُمْ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا

إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً ... فِرَاسَةً خَالَفْتُهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا

أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمْ نَوَافِلَهُ ... وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدَرُ

ثُمَّ خَرَجَ الْقَوْمُ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَيِّعُهُمْ حَتَّى إِذَا وَدَّعَهُمْ وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ:

[البحر الكامل]

خَلَفَ السَّلَامُ عَلَى امْرِئٍ وَدَّعْتُهُ ... فِي النَّخْلِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ وَكَلِيلِ

ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى نَزَلُوا بِمَعَانَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَبَلَغَ النَّاسُ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَاءً مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فِي مئةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ، وَقَدِ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الْمُسْتَعْرِبَةُ مِنْ لَخْمٍ، وَجُذَامَ، وَبِلْقَيْنَ، وَبَهْرَامَ، وَبَلِيٍ فِي مئةِ أَلْفٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ بَلِيٍّ أَحَدُ ⦗١٨١⦘ إِرَاشَةٍ، يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ زَافِلَةَ، فلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ أَقَامُوا بِمَعَانَ لَيْلَتَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَقَالُوا: نَكْتُبُ إِلَى رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنَا، فَإِمَّا أَنْ يُمِدَّنَا بِرِجَالٍ وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرِهِ فَنَمْضِي لَهُ، فَشَجَّعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ النَّاسَ، وَقَالَ: يَا قَوْمُ وَاللهِ إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ لَلَّذِي خَرَجْتُمْ لَهُ تَطْلُبُونَ الشَّهَادَةَ، وَمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ، وَلَا قُوَّةٍ، وَلَا كَثْرَةٍ، إِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ بِهَذَا الدِّينَ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا ظُهُورٌ، وَإِمَّا شَهَادَةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي مَقَامِهِمْ ذَلِكَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>