١١٩ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَلَمَّا ⦗٦٠⦘ رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ قَتَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ: قَبَّحَ اللهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ قَالَ: أَجَلْ وَاللهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَا أَجِدُ لَهُ قَضَاءً وَعِيَالًا لَا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا لَرَحَلْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إنْ مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْهُ، فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا لَهُ، أَقُولُ قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الْأَسِيرِ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ وَقَالَ: عَلَيَّ دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَأَعْجَزُ عَنْهُ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ وَجَهَّزَهُ، وَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ فَصَقَلَهُ وَسُمَّ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ: أَنِ اكْتُمْنِي أَيَّامًا، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ وَأَخَذَ السَّيْفَ فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللهِ فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَهُ السَّيْفُ فَزِعَ وَقَالَ عُمَرُ: هَذَا الْكَلْبُ، هَذَا عَدُوُّ اللهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ وَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا نَبِيَّ اللهِ لَا تَأْمَنْهُ، قَالَ: «أَدْخِلْهُ» فَخَرَجَ عُمَرُ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَحْتَرِسُونَ مِنْ عُمَيْرٍ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ حَتَّى دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: «تَأَخَّرْ عَنْهُ» فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ قَالَ: أنْعِمُوا صَبَاحًا - وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ - قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أكْرَمَنَا اللهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ السَّلَامُ» فَقَالَ عُمَيْرٌ: إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا لِحَدِيثٌ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَبْدَلَنَا اللهُ خَيْرًا مِنْهَا، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ» : قَالَ: قَدِمْتُ فِي أَسْرَانَا فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ؟» قَالَ عُمَيْرٌ: قَبَّحَها اللهُ مِنْ سُيُوفٍ وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ، إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ، وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي بِهَا غَيْرَةً، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْدُقْنِي مَا أَقْدَمَكَ؟» قَالَ: مَا قَدِمْتُ إِلَّا فِي أَسِيرِي قَالَ: «فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ» فَفَزِعَ عُمَيْرٌ وَقَالَ: مَاذَا شَرَطْتُ لَهُ؟ قَالَ: «تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَنِيكَ وَيَقْضِي دَيْنَكَ، وَاللهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَاكَ» ، قَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللهِ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وغَيْرِي، فَأَخْبَرَكَ اللهُ بِهِ فَآمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي لِهَذَا الْمَسَاقِ فَفَرِحَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللهُ وَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، الْخِنْزِيرُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ، وَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِيكَ» وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «عَلِّمُوا أَخَاكُمْ الْقُرْآنَ وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ» ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا فِيمَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللهِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي، فَأْذَنْ لِي فَلَأَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللهِ وَإلَى الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللهَ يَهْدِيهِمْ وَيَسْتَنْقِذُهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ: أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ وَجَعَلَ يَسْأَلُ كُلَّ رَاكِبٍ قَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ، هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ؟ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَ: حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمَ فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا: صَبَأَ وَقَالَ صَفْوَانُ: إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أنْفَعَهُ بِنَفَقَةٍ أَبَدًا، وَلَا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلَامًا أَبَدًا، وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَنَصَحَهُمْ جُهْدَهُمْ وَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute