١٧٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، ثنا خَلَّادُ الصَّفَّارُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَأَمَرَ بِالْغَزْوِ إِلَى تَبُوكٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ غَيْرَ أَنَّ نَفْسِي تَتَوقُ إِلَى الظِّلِّ وَالرُّطَبِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ شَابٌّ قَوِيٌّ وَنَفْسِي تَقُولُ لِي، وَعِنْدِي بَعِيرَانِ: سَوْفَ تَعْتَذِرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَفْسِي تَقُولُ لِي: تَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنَا كَذَلِكَ وَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَادِيًا، وَخَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ أُرِيدُ أَنْ أَتَجَهَّزَ، وَكَأَنَّمَا أُمْسِكَ بِيَدِيَّ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ قَدْرَ فَرْسَخَيْنِ وَقَفَ، فَإِذَا هُوَ بِرَاكِبٍ يَلْحَقُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ» ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: وَفِي الْمَدِينَةِ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَأَنَا، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ، فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا خَيْثَمَةَ: «مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟» ، قَالَ: تَرَكْتُهُ يَمْشِي فِي أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: هُوَ وَاللهِ مَا عَلِمْتُهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ ⦗٨٦⦘: وَنَزَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَانِبِنَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاللهِ إِنَّهُمْ أَرْغَبُنَا بُطُونًا، وَأَخْشَانَا عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَأَضْعَفُنَا قُلُوبًا، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، فَقَالَ: " اذْهَبْ إِلَى هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ، فَقُلْ لَهُمْ مَا نَقِسْتُمْ؟، فَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ "، فَقَالَ لَهُمْ: احْتَرَقْتُمْ أَحْرَقَكُمُ اللهُ، وَنَزَلَتْ {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ، قَالَ: وَجَاءَ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ، فَتَعَلَّقَ بِرِجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا مَالَيْتُهُمْ، وَلَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَهُمْ، فَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّجُلِ وَيَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَيَسِيرُ مَعَهُ حَتَّى سَالَ مِنْ عَقِبَيْهِ الدَّمُ، وَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ فَأَتَاهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَأَجْلَسَنَا فِي نَاحِيَةٍ، فَقِيلَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا رَضِيَ عَنْ صَاحِبَيْكَ، فَانْظُرْ بِمَ تَعْتَذِرُ، قُلْتُ: أَسْتَعِينُ عَلَى مَا صَنَعْتُ بِالْكَذِبِ، وَمَا أَجِدُ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الصِّدْقِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَالَ: «وَعَلَيْكَ، مَا خَلَفَكَ يَا كَعْبُ؟» ، قُلْتُ: وَاللهِ مَا تَخَلَّفْتُ مِنْ ضِعْفٍ وَلَا حَاجَةٍ، وَلَكِنِ الْبَلَاءُ، قَالَ: «اجْلِسْ مَعَ صَاحِبَيْكَ» ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «لَا تُجَالِسُوا هَؤُلَاءِ النَّفْرَ، وَلَا تُكَلِّمُوهُمْ، وَلَا تُبَايعُوهُمْ» ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِمْ: «لَا يَقْرَبُونَكُمْ» ، فَأَرْسَلَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هِلَالًا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَتَأْذَنَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَهُ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُكَلِّمَهُ، فَأَذِنَ لَهَا، فَأَرْسَلَتِ امْرَأَةُ كَعْبٍ أَنَّ امْرَأَةَ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ قَدِ اسْتَأْذَنَتْ أَنْ تُنَاوِلَهُ الشَّيْءَ فَتَسْتَأْذِنَهُ فِيكَ، فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَعْتَذِرِينَ، تَقُولِينَ إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لَشَابٌّ، أَتَقُولِينَ إِنِّي سَقِيمٌ؟، فَوَاللهِ إِنِّي لَصَحِيحٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَلَّا تَفْعَلِي، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ نِعْمَ الشَّفِيعُ إِذْ كَانَتْ لَيْلَتَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، تُكَلِّمُهُ فِينَا، حَتَّى إِذَا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، قَالَ: «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ تَابَ عَلَى الثَّلَاثَةِ؟» ، قَالَتْ: أَلَا أُرْسِلُ إِلَى أَهْلِيهِمْ فَأُبَشِّرَهُمْ، قَالَ: «إِذَنْ لَا يَذَرُنَا النَّاسُ نَنَامُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَلَكِنْ أَصْبِحِي» ، فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَشَعَرْتُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ تَابَ عَلَى الثَّلَاثَةِ؟» ، فَاسْتَبَقَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلَانِ، رَجُلٌ رَكِبَ فَرَسًا فَأَخَذَ بَطْنَ الْوَادِي، وَرَجُلٌ مَشَى عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى صَعِدَ الْجَبَلَ، قَالَ: يَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَشَعَرْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ تَابَ عَلَيْكَ؟، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا حَتَّى إِذَا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُ إِلَيْهِ بِرِدَائِي، ثُمَّ أَقْبَلَتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: مِنْكَ أَوْ مِنَ اللهِ؟، فَقَالَ: «مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute