٨٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، أَخَذَ الشَّيْطَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ أَخَذْتَ الشَّيْطَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: نَعَمْ، ضَمَّ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرَ الصَّدَقَةِ فَجَعَلْتُهُ فِي غُرْفَةٍ لِي، فَكُنْتُ أَجِدُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ نُقْصَانًا، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «هُوَ عَمِلُ الشَّيْطَانِ، فَارْصُدْهُ» فَرَصَدْتُهُ لَيْلًا، فَلَمَّا ذَهَبَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ أَقْبَلَ عَلَى صُورَةِ الْفِيلِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ دَخَلَ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِ، فَدَنَا مِنَ التَّمْرِ فَجَعَلَ يَلْتَقِمُهُ، فَشَدَدْتُ عَلِيَّ ثِيَابِي فَتَوَسَّطتُّهُ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ يَا عَدُوَّ اللهِ، وَثَبْتَ إِلَى تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتَهُ، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ، لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَفْضَحَكَ، فَعَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» قُلْتُ: عَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ، قَالَ: «إِنَّهُ عَائِدٌ فَارْصُدْهُ» فَرَصَدْتُهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَصَنَعَتُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُخْبِرَهُ فَإِذَا مُنَادِيهِ يُنَادِي: أَيْنَ مُعَاذٌ؟ فَقَالَ لِي: «يَا مُعَاذُ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ عَائِدٌ فَارْصُدْهُ» فَرَصَدْتُهُ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ، فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَصَنَعَتُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللهِ عَاهَدْتَنِي مَرَّتَيْنِ، وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ، لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ فَيَفْضَحَكَ، فَقَالَ: إِنِّي شَيْطَانٌ ذُو عِيَالٌ، وَمَا أَتَيْتُكَ إِلَّا مِنْ نَصِيبِينَ، وَلَوْ أَصَبْتُ شَيْئًا دُونَهُ مَا أَتَيْتُكَ، وَلَقَدْ كُنَّا فِي مَدِينَتِكُمْ هَذِهِ حَتَّى بُعِثَ صَاحِبُكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَتَانِ أَنْفَرَتَانَا مِنْهَا، فَوَقَعْنَا بِنَصِيبِينَ لَا تُقْرَآنِ فِي بَيْتٍ إِلَّا لَمْ يَلِجْ فِيهِ الشَّيْطَانُ ثَلَاثًا، فَإِنْ خَلَّيْتَ سَبِيلِي عَلَّمْتَكَهُمَا، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَآخَرُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ} [البقرة: ٢٨٥] إِلَى آخِرِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُخْبِرَهُ، فَإِذَا مُنَادِيهِ يُنَادِي: أَيْنَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ؟ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ لِي: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» فَقُلْتُ: عَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ الْخَبِيثُ وَهُوَ كَذُوبٌ» قَالَ: فَكُنْتُ اقْرَأُهُمَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَجِدُ فِيهِ نُقْصَانًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute