للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٣ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٨٨⦘ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَيْثُ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ، كُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلَتُ إِلَى الرَّحْلِ فَالْتَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ أَلْتَمِسُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ بِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أرْكَبْهُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنَّنِي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يُهَبِّلْهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ ⦗٨٩⦘ الْجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ فَوَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الْإِفْكِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللهِ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَاهُ حِينَ أَمْرَضُ إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ حَتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، فَتَبَرَّزْنَا لَا نَخْرُجُ إِلَّا مِنْ لَيْلٍ إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ، لَمَّا قَضَيْنَا شَأْنِنَا نَمْشِي فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟، فَقَالَتْ: يَا هَنْتَاهُ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟، قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟، فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» ، فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟، قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَوَاللهِ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَة قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا؟، قَالَتْ: فَبِتُّ لَيْلَتِي تِلْكَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى أَصْبَحْتُ فَدَعَا ⦗٩٠⦘ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِيِ يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِيِ يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ بَرِيرَةَ، فَقَالَ لَهَا: «هَلْ رَأَيْتِ مِنْ عَائِشَةَ شَيْئًا يَرِيبُكِ؟» ، قَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ الْعَجِينِ حَتَّى تَأْتِيَ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلَهُ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي - قَالَهُ ثَلَاثًا -، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَنَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ أَعْذُرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا بِهِ أَمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَكَانَ سَيِّدَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، قَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ بْنِ سِمَاكٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَيَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَرَسُولُ اللهِ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَمَا أَنَا أَبْكِي إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ فَجَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي ⦗٩١⦘ مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ شَيْءٌ فِي شَأْنِي فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ» ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللهِ فِيمَا قَالَ، قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ مَا تُحُدِّثَ بِهِ وَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ فَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنَّنِي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: {فَصَبَرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: ١٨] ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِيَ اللهُ بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنَزَّلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَأَنَا كُنْتُ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُنَزَّلَ فِيَّ قُرْآنٌ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُرِيَ اللهُ رَسُولَهُ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي بِهَا، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ حَتَّى أَنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي، فَسُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ احْمَدِي اللهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ» ، فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْزَلَ اللهُ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} الْآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ ⦗٩٢⦘ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، عَنْ أَمْرِي فَقَالَ: «يَا زَيْنَبُ مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ؟» ، فَقَالَتْ: أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، وَكَانَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ عَنْهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>