٥٣٢٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمْيَةً، فَقَطَعَتِ الْأَكْحَلَ مِنْ عَضُدِهِ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ رَمَاهُ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ، أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ أَخُو بَنِي الْعَرِقَةِ، وَيَقُولُ آخَرُونَ: رَمَاهُ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: رَبِّ اشْفِنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ "، فَرَقَأَ الْكَلْمُ بَعْدَمَا قَدِ انْفَجَرَ. قَالَ: وَأَقَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى سَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حَكَمًا يَنْزِلُونَ عَلَى حُكْمِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْتَارُوا مِنْ أَصْحَابِي مِنْ أَرَدْتُمْ، فَلْنَسْتَمِعْ لِقَوْلِهِ» ، فَاخْتَارُوا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَرَضِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَلَّمُوا، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأسْلِحَتِهِمْ، فَجُعِلَتْ فِي بَيْتٍ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَكُتِّفُوا، وَأُوثِقُوا، فَجُعِلُوا فِي دَارِ أُسَامَةَ ⦗٨⦘ بْنِ زَيْدٍ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَقْبَلَ عَلَى حِمَارِ أَعْرَابِيٍّ، يَزْعُمُونَ أَنَّ وَطْأَةَ بَرْذَعِهِ مِنْ لِيفٍ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَعَهُ يُعَظِّمُ حَقَّ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَيَذْكُرُ حِلْفَهُمْ وَالَّذِي أَبْلَوْهُمْ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَأَنَّهُمُ اخْتَارُوكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ رَجَاءَ عَطْفِكَ، وتَحَنُّنِكَ عَلَيْهِمْ، فاسْتَبْقِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لَكَ جَمَالٌ وَعَدَدٌ، قَالَ: فَأَكْثَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَلَمْ يَحِرْ إِلَيْهِ سَعْدٌ شَيْئًا، حَتَّى دَنَوْا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلَا تُرْجِعُ إِلَيَّ شَيْئًا، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللهِ لَا أُبَالِي فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَفَارَقَهُ الرَّجُلُ، فَأَتَى إِلَى قَوْمِهِ، قَدْ يَئِسَ مِنْ أَنْ يَسْتَبْقِيَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِالَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ، وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ، ونَفَذَ سَعْدٌ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا سَعْدُ، احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ» ، فَقَالَ سَعْدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَحْكُمُ فِيهِمْ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، ويُغْتَنَمَ سَبْيُهُمْ، وَتُؤْخَذَ أَمْوَالُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيِّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِحُكْمِ اللهِ» ، وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأُخْرِجُوا رَسْلًا رَسْلًا، فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَأُخْرِجَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ أَخْزَاكَ اللهُ» ، فَقَالَ: قَدْ ظَهَرْتَ عَلَيَّ، وَمَا أَلُومُ نَفْسِي فِيكَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُخْرِجَ إِلَى أَحْجَارِ الزَّيْتِ الَّتِي بِالسُّوقِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِعَيْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ بَرِئَ كَلْمُ سَعْدٍ، وَتَحَجَّرَ بِالْبُرْءِ، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا فَقَالَ: اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ قَوْمٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ، وَأَخْرَجُوهُ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنْ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ قِتَالٌ، فَابْقِنِي أُقَاتِلْهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فافْجُرْ هَذَا الْمَكَانَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهِ، فَفَجَرَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَإِنَّهُ لَرَاقِدٌ بَيْنَ ظَهْرَيِ اللَّيْلِ، فَمَا دَرَوْا بِهِ حَتَّى مَاتَ، وَمَا رَقَأَ الْكَلْمُ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute