٦٤٧٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ الْبَصْرِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ حُجْرٍ السَّامِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ الْأَنْبَارِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَاعِدًا فِي الْمَسْجِدِ مَرَّ رَجُلٌ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَعْرِفُ هَذَا الْمَارَّ؟ قَالَ: لَا , فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: هَذَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَهُ فِيهِمْ شَرَفٌ وَمَوْضِعٌ، وَهُوَ الَّذِي أَتَاهُ رِئِيُّهُ بِظُهُورِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَلَيَّ بِهِ , فَدُعِيَ لَهُ بِهِ، قَالَ: أَنْتَ ⦗٩٣⦘ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَأَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رِئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كِهَانَتِكَ؟ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ» ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ وَاللهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنَ كِهَانَتِكَ، أَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رِئِيَّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي رِئِيِّي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ، فافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر السريع]
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَجْسَاسِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا خَيِّرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَأْسِهَا
⦗٩٤⦘
قَالَ: " فَلَمْ أَرْفَعْ لِقَوْلِهِ رَأْسًا، وَقُلْتُ: دَعْنِي أَنَمْ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا، فَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ، قُمْ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ , إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُولُ:
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتِطْلَابِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِها
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَيْسَ قُدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا
قَالَ: " فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا، فَلَمَّا أَنْ كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ:
أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ ... افْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ،
إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... يَدْعُو إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُولُ:
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُ الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... بَيْنَ رَوَابِيهَا وأَحْجَارِهَا
فَوَقَعَ فِي نَفْسِي حُبُّ الْإِسْلَامِ، وَرَغِبْتُ فِيهِ , فَلَمَّا أَصْبَحْتُ شَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَانْطَلَقْتُ مُتَوَجِّهًا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لِي: فِي الْمَسْجِدِ , فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَعَقَلْتُ نَاقَتِي، وَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فَقُلْتُ: اسْمَعْ مَقَالَتِي يَا رَسُولَ اللهِ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ادْنُهْ، ادْنُهْ فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: هَاتِ , فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رِئِيَّكَ , فَقُلْتُ: «
[البحر الطويل]
أَتَانِي نَجِيِّي بَعْدَ هُدْءٍ وَرَقْدَةٍ ... وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبِ
ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ... أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ
فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِ الْإِزَارِ ووَسَّطَتْ ... بِيَ الذَّعْلِبُ الْوَجْنَاءُ بَيْنَ السَّباسِبِ
فَأَشْهَدُ أَنَّ اللهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ... وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ
وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً ... إِلَى اللهِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمِينَ الْأَطَايِبِ
فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى ... وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ
وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ ... سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ
» قَالَ: «فَفَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِإِسْلَامِي فَرَحًا شَدِيدًا , حَتَّى رُؤِيَ فِي وُجُوهِهِمْ» , قَالَ: " فَوَثَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَيْهِ، وَالْتَزَمَهُ، قَالَ: قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْكَ "