للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(علة وجوب الهجرة)

الأول: أن أهل العلم رتَّبوا حكم الهجرة، على وجود الشرك، والبدع، والمعاصي، لمن لا يستطيع إنكارها.

ومن المعلوم بالضرورة: أن الشرك بالأموات والغائبين، والتعلق على الأنبياء والصالحين، بل: على المجاذيب والمجانين، قد ظهر في ديارهم شعاره، وتطاير فيها شراره، وثار فيها قتامه وغباره، وعدم فيها للتوحيد أعوانه وأنصاره، مع ما هم عليه من البدع في العبادات والاعتقادات، وأصناف المعاصي، التي تشيب اللمم والنواصي.

فالسؤال عن الدار: هل هي دار إسلام أم لا؟ بمعنى أن المقيم فيها، كالمقيم في بلد سالمة من ذلك، خطأ ظاهر، وقد تقرر في عبارات أئمتنا الحنابلة وغيرهم: أنهم يوجبون الهجرة بمشاهدة ما هو دون ذلك، حتى من بلد تظهر فيها عقائد أهل البدع، كالمعتزلة والخوارج والروافض.

وقد حكى ابن العربي المالكي، عن ابن القاسم، قال سمعت مالكًا يقول: لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يُسب فيها السلف؛ وقال في الإقناع وشرحه - لما ذكرها - فيخرج منها وجوبًا، إن عجز عن إظهار مذهب أهل السنة فيها، فعلق الحكم: بالوصف الذي هو وجود البدع والمعاصي، لمن لا يستطيع إنكارها، إلا بالدار.

(حكم الدار منوط بالوصف القائم بها، مع ذكر بعض الأحكام المترتبة عليها)

وإذا كان من المعلوم: أن مصر دار إسلام، فتحها عمرو بن العاص زمن الخليفة الراشد: عمر - رضي الله عنه -، فأين إجماع الناس على أنها دار حرب أيام بني عبيد القداح؟! وكذلك جزيرة العرب أيام الردة، مع أن الدار دار إسلام، لا دار كفر أصلي بالإجماع.

<<  <   >  >>