الأخرى، ومن نابتة المسلمين الذين تعلموا في مدارسهم، وسمعوا كلام المبشرين، ظنًا منهم أنهم وجدوا مغمزًا في الإِسلام، وأصابوا هدفًا يصمي الدين، ويجعل معتنقيه مضغة في أفواه السامعين، وأنى لهم ذلك، وليتهم فكروا وتأملوا قبل أن يتكلموا:
١ - تعدد زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وكثرتهن، بينما لم يبحْ مثل ذلك لأمته.
٢ - إباحة تعدد الزوجات لعامة المسلمين، ومن ثم وجب علينا أن نميط اللثام عن الأسباب التي دعت إلى كل منهما.
أسباب تعدد زوجاته - صلى الله عليه وسلم -
قبل أن ندخل في تفاصيل البحث نذكر لك أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عاش مع خديجة خمسًا وعشرين سنة، لم يتزوج سواها، وكانت سنه إذ ذاك ناهزت الخمسين، وكان قد تزوجها في شرخ شبابه؛ إذ كانت سنه وقتئذ خمسًا وعشرين سنة، وكانت سنها أربعين، وعاشا معًا عيشًا هنيئًا، شعاره الإخلاص والوفاء، وكانت من أكبر أنصاره على الكفار الذين سخروا منه، وألحقوا به ضروبًا شتى من الأذى، ولم يشأ أن يتزوج غيرها مع ما كان يبيحه له عرف قومه، بل ظل وفيًا لها حتى توفيت، فحزن عليها حزنًا شديدًا، وسمي عام وفاتها: عام الحزن، ولم ينقطع عن ذكراها طوال حياته.
والآن حق علينا أن نذكر لك الأسباب التي حدت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التعدد، وهي قسمان: أسباب عامة، وأسباب خاصة.
الأسباب العامة
١ - إن رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - عامة للرجال والنساء، ومن التشريع ما هو مشترك بين الوجل والمرأة، وما هو خاص بأحدهما، وكل يحتاج في تلقينه إلى عدد ليس بالقليل؛ لتفوق المرسل إليهم، وكثرتهم، وقصر زمن حياة الرسول، وكثرة الأحكام وإلا لم يحصل التبليغ على الوجه الأتم. ومن الأحكام المتعلقة بالنساء ما تستحي المرأة أن تعرفه من الرجل، ويستحي الرجل من تبليغه للمرأة، ألا ترى إلى ما روي