للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وثالثها: أن القلوب ترمض؛ أي: تحترق فيه من الموعظة.

{الْقُرْآنُ}: في الأصل مصدر قرأت، ثم صار علمًا لما بين الدفتين، وهو من قرأ بالهمزة إذا جمع؛ لأنه يجمع السور والآيات والحكم والمواعظ، والجمهور على همزه، وقرأ ابن كثير من غير همز بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، ثم حذفها.

{دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}؛ أي: دعاء الداعي لا خصوص المرة، فـ (فعلة) ليست هنا للمرة؛ لأن محل كونها للمرة إذا لم يبن المصدر عليها كضربة، وأما إذا بُني المصدر عليها كرحمة ودعوة: فلا تكون للمرة إلا بذكر الواحدة، كما هو مبين في محله.

والياءان (١) من قوله: {الدَّاعِ} و {دَعَانِ} من الزوائد عند القراء، ومعنى ذلك أن الصحابة لم تثبت لها صورة في المصحف، فمن القراء من أسقطها تبعًا للرسم، وقفًا ووصلًا، ومنهم من يثبتها في الحالين، ومنهم من يثبتها وصلًا ويحذفها وقفًا. {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} السين والتاء فيه زائدان بمعنى: فليجيبوا لي، ويكون استفعل فيه بمعنى: أفعل الرباعي، وهو كثير في القرآن، كقوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ}، {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى}: إلا أن تعديته في القرآن باللام، وقد جاء في كلام العرب معدى بنفسه، قال الشاعر:

وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَا ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيْبُ

أي: فلم يجبه، ونظيره من كلام العرب كاستحصد الزرع بمعنى: أحصد، واستعجل الشيء بمعنى: أعجل، واستقر بمعنى أقر، وكون استفعل بمعنى أفعل هو أحد المعاني التي ذكروها لـ (استفعل).

{لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} يقال: رَشِدَ (٢) رشدًا من باب تعب، ورشد يرشد من باب قتل، فهو راشد، والاسم الرشاد ويتعدى بالهمزة، والرشد والرشاد


(١) جمل.
(٢) مصباح.