قوله:{سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ} أصله: ستدعوون، قلبت الواو الأولى ألفًا؛ لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التعبير بالماضي عمّا في المستقبل في قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا} فقد جاء الأخبار بالفتح بلفظ الماضي؛ لأنها نزلت حين رجع - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية قبل عام الفتح؛ إيذانًا بأنّ أخبار الله تعالى لمّا كانت محقَّقة لا محالة .. نزلت منزلة المحققة الكائنة الموجودة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر، وصدقه ما لا يخفى على من له مسكة من عقل.
ومنها: تصدير الكلام بحرف التحقيق تأكيدًا للتبشير.
ومنها: حذف المفعول للقصد إلى نفس الفعل، والإيذان بأنَّ مناط التبشير: نفس الفتح المصادر عنه سبحانه، لا خصوصية المفتوح.
ومنها: الالتفات من التكلّم إلى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات كالمغفرة والإنعام والنصر، في قوله:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ}؛ لأجل الإشعار بأنّ كل واحد من الأمور الأربعة الداخلة تحت لام الغاية صادر عنه تعالى، من حيثيةٍ غير الحيثية الأخرى، مترتب على صفة من صفاته تعالى. اهـ "أبو السعود". فمغفرة الذنوب من حيث إنه تعالى غفار، وهداية الصراط من حيث إنه هاد، وهكذا، ويجمع الكل لفظ الله، فإنه اسم للذات المستجمع للصفات. اهـ شيخنا.
قال ابن الشيخ: في إظهار فاعل قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ}{وَيَنْصُرَكَ} إشعار بأنّ كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الألوهية، وكونه معبودًا بالحق، والمغفرة: ستر الذنوب ومحوها.