للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: فروعه وأغصانه، وذلك أنّ أوّل ما نبت من الزرع بمنزلة الأمّ وما تفرّع وتشعّب منه بمنزلة أولاده وأفراخه، ولا يكون الشطأ إلا في البرّ والشعير، وفي "المفردات": شطأه: فروع الزرع، وهو: ما خرج منه، وتفرّع في شاطئيه؛ أي: جانبيه، وجمعه: أشطاء، وقوله: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ}؛ أي: أفراخه. انتهى، وقيل: هو تفسير لقوله: {ذَلِكَ} على أنه إشارة مبهمة لم يرد به ما تقدّم من الأوصاف، وقيل: هو خبر لقوله: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} على أن الكلام قد تمّ عند قوله: {مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}.

وقال الفرّاء: قوله: {كَزَرْعٍ} فيه وجهان: إن شئت .. قلت: ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل؛ يعني: كمثلهم في القرآن، فيكون الوقف على الإنجيل، وإن شئت .. قلت: ذلك مثلهم في التوراة، ثم تبتدىء: ومثلهم في الإنجيل كزرع، وعلى هذا فيكون {كَزَرْعٍ}: خبرًا عن قوله: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ}. قال قتادة: مثل أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل مكتوب: أنه سيخرج من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - قوم ينبتون نباتًا كالزرع، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر.

قال ابن عطية: قوله: {كَزَرْعٍ}: هو على كل الأقوال، وفي أيّ كتابٍ أنزل، فرض مثل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، في أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعث وحده، فكان كالزرع حبّةً واحدةً، ثم كثر المسلمون، فهو كالشطأ: وهو فراخ السنبلة التي تنبت حول الأصل. انتهى.

وقرأ الجمهور (١): {شَطْأَهُ} بإسكان الطاء وبالهمزة، وقرأ ابن كثير وابن ذكوان: بفتهما، وكذلك وبالمدّ أبو حيوة وابن أبي عبلة وعيسى الكوفي، وقرأ أنس وزيد بن عليّ ونصر بن عاصم ويحيى بن وثاب: {شطاه} كعصاه، فاحتمل أن يكون مقصورًا، وأن يكون أصله الهمزة، فنقل الحركة وأبدل الهمزة ألفًا، كما قالوا في المرأة والكمأة: المراه والكماه، وهو تخفيف مقيس عند الكوفيين، وهو عند البصريين شاذٌّ لا يقاس عليه، وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق: {شَطَه}


(١) البحر المحيط.