والثاني: أن تريد به: تأملت وتدبرت، وهو فعل غير متعد. فمن ذلك قولهم: اذهب فانظر زيد أبو من هو. فهذا يراد به: التأمل، ومن ذلك قوله تعالى:{انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ}، و {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}. وقد يتعدى هذا بالجار كقوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)} فهذا حض على التأمّل. وقد يتعدى هذا بقي نحو قوله:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
والثالث: أن تريد به: انتظرته. ومن ذلك قوله:{غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}.
والرابع: أن يكون نظرت بمعنى أنظرت، تريد بقولك: نظرت التنفيس الذين يطلب به الانتظار. فمن ذلك قول عمرو بن كلثوم:
ومن ذلك قوله تعالى:{فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. إنّما هو طلب الإمهال والتسويف.
{نَقْتَبِسْ} وأصل الاقتباس: طلب القبس؛ أي: الجذوة من النار. والجذوة: شعلة نار تقتبس من معظم النار. قال بعضهم: النار والنور من أصل واحد. وهو الضوء المنتشر يعين على الإبصار. وكثيرًا ما يتلازمان، لكن النار متاع للمقوين في الدنيا، والنور متاع لهم في الدنيا والآخرة. ولأجل ذلك استعمل في النور الاقتباس، وقيل:{نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}؛ أي: نأخذ من نوركم قبسًا وسراجًا وشعلة.