للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكورة. وقيل: أصله: لاها بالسريانية، فعرّب بحذف الألف الأخيرة، وإدخال اللام عليه، وتفخيم لامه إذا انفتح ما قبله، أو انضم، وقيل: مطلقا. وحذف ألفه لحن تفسد به الصلاة، ولا ينعقد به صريح اليمين. وقد جاء لضرورة الشعر:

ألا لا بارك لاه في سهيل ... إذا ما الله بارك في الرجال

{الرَّحْمنِ}: صيغة فعلان في اللغة، تدل على وصف فعلي، فيه معنى المبالغة للصفات الطارئة، كعطشان، وغرثان.

{الرَّحِيمِ}: صيغة فعيل، تدلّ على وصف فعلي، فيه معنى المبالغة للصفات الدائمة الثابتة؛ ولهذا لا يستغني بأحد الوصفين عن الآخر.

والرحمن أبلغ من الرحيم؛ لأنّ زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى غالبا، كما في قطّع، وقطع، وكبّار، وكبار، وخرج بقولنا غالبا نحو: حذر، وحاذر، وتلك المبالغة تارة تؤخذ باعتبار الكميّة، وأخرى باعتبار الكيفية، فعلى الأول قيل: يا رحمن الدنيا؛ لأنّه يعم المؤمن والكافر، ورحيم الآخرة؛ لأنّه يخص المؤمن. وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة، ورحيم الآخرة؛ لأن النعم الأخروية كلّها جسام، وأما النعم الدنيوية؛ فجليلة وحقيرة. وإنما قدم الرحمن، والقياس يقتضي الترقّي من الأدنى إلى الأعلى، لتقدم رحمة الدنيا؛ ولأنّه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره تعالى؛ لأنّ معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره تعالى، فإن من عداه فهو مستفيض بلطفه، وإنعامه، يريد به جزيل ثواب، أو جميل ثناء، أو يزيح رقة الجنسية، أو حب المال عن القلب، ثم إنه كالواسطة في ذلك؛ لأنّ ذات النعم، ووجودها، والقدرة على إيصالها، والداعية الباعثة عليه، والتمكن من الانتقام بها، والقوى التي بها يحصل الانتفاع، إلى غير ذلك من خلقه لا يقدر عليها أحد. أو لأنّ الرحمن

لما دل على جلائل النعم، وأصولها، ذكر الرحيم؛ ليتناول ما خرج منها، فيكون كالتتمة والرديف له، أو للمحافظة على رؤوس الآي.

وأمّا وصف أهل اليمامة مسيلمة الكذاب به مضافا، فقالوا: رحمن اليمامة، فمن تعنّتهم، قال شاعرهم يمدح مسيلمة الكذاب: