وشرعًا: فصل الحكومة على ما في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا الحكم بالرأي المجرد، {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ}: نِعْمَ بكسر النون إتباعًا لكسرة العين، وأصل النون مفتوحة، وأصل العين مكسورة، فأصله نَعِمَ بوزن عَلِمَ، ثم كسرت النون إتباعًا لكسرة العين.
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} تنازع من باب تفاعل، والتنازع: التجاذب، والمنازعة: المجاذبة، والنزع: الجذب، كأن كل واحد ينتزع حجة الآخر ويجذبها، والمراد الاختلاف والمجادلة، {وَأَحْسَنُ تَأوِيلًا} التأويل: مصدر أول - من باب فعل - تأويلًا، إذا فسر وبين، ولكن هنا بمعنى المآل والعاقبة، لا بمعنى التفسير والتبيين فله إطلاقان.
{يَزْعُمُون} مضارع زعم، من باب نصر، والزعم بتثليث الزاي في أصل اللغة القول، حقًّا كان أو باطلًا، ثم كثر استعماله في الكذب، قال الراغب: الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب، وقد جاء في القرآن ذم القائلين به، كقوله:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}، وقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦)}.
{إِلَى الطَّاغُوتِ} الطاغوت: الكاهن والشيطان والصنم وكل رئيس في الضلالة، يطلق على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، {ضَلَالًا بَعِيدًا}: ليس مصدرًا جاريًا على يضلهم، ويحتمل أن يكون جعل مكان الإضلال، فوضع أحد المصدرين موضع الآخر، ويحتمل أن يكون مصدرًا لثلاثي محذوف، تقديره: فيضلون ضلالًا بعيدًا، {يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}: يقال: صد عن الشيء يصد - من بابي ضرب ونصر - صدًّا وصدودًا، إذا أعرض عنه، وهو من المضاعف اللازم الذي جاء بالوجهين: الكسر على القياس، والضم على الشذوذ، لا من صد الذي هو المضاعف المعدى، فإنه بالضم على القياس لا غير، ومعناه المنع، يقال صده عن كذا إذا منعه وصرفه عنه، ومنه قوله تعالى:{وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وقوله: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، فالصدود: مصدر سماعي له، وقياسه صد، على وزن فعل بسكون العين؛ لأنه من فعل المفتوح.