الحقيقي الحسن بن هانىء. وإنّما أطلنا في هذا البحث؛ لأنّ بعض المعاجم الحديثة خلط في أصله، فأوردوه في مادة أنس، وبعضها أورده في مادة نوس، وأضاعوا بذلك الطالب والمراجع في متاهات لا منافذ منها. اه. درويش.
وقيل: أصله من نسي، فوقع فيه القلب المكاني بتقديم الياء على السين، فصار نيس بوزن فعل، تحركت الياء عندئذ وانفتح ما قبلها، قلبت ألفا، فقيل: ناس، فدخلت الألف واللام للتعريف، فصار الناس. وعلى هذا سمّوا بذلك لنسيانهم، ووزن الفعل عليه فلع، وعلى القول الأول وزنه فعال، وعلى القول الثاني أجوف واويّ، تحركت الواو وانفتح ما قبلها، قلبت ألفا، وقيل غير ذلك.
{مَنْ يَقُولُ} أصله: يقول بوزن يفعل، نقلت حركة الواو إلى القاف فسكنت الواو، فصارت حرف مدّ. {آمَنَّا} أصله: أأمنّا بوزن أفعلنا، أبدلت الهمزة الثانية حرف مدّ مجانسا لحركة الأولى، وهكذا كلّ همزة ساكنة وقعت فاء للفعل ودخلت عليها همزة مفتوحة، وقوله {الْآخِرِ}، الألف فيه مبدلة من همزة ساكنة.
{يُخادِعُونَ} الخداع في الأصل: الإخفاء. ومنه سمّي البيت المفرد في المنزل مخدعا تستر أهل صاحب المنزل فيه، ومنه: الأخدعان: وهما العرقان المستبطنان في العنق، وسمّي الدهر خادعا؛ لما يخفي من غوائله.
{وَما يَشْعُرُونَ} الشعور؛ إدراك الشيء من وجه يدقّ ويخفى، وهو مشتقّ من الشعر لدقّته، كما مرّ. وقيل: هو الإدراك بالحاسّة، فهو مشتق من الشعار، وهو ثوب يلي الجسد، ومشاعر الإنسان حواسه، وشعر بالأمر من بابي: نصر وكرم: علم به وفطن له، ومنه يسمي الشاعر شاعرا؛ لفطنته ودقّة معرفته. والتحقيق: أنّ الشعور إدراك ما دقّ من حسي وعقلي.
{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} المرض مصدر مرض، ويطلق في اللغة على الضعف والفتور، وقالوا المرض في القلب: الفتور عن الحقّ، وفي البدن فتور الأعضاء، وفي العين فتور النظر. ويطلق المرض فيراد به الظلمة، كقوله:
في ليلة مرضت من كلّ ناحية ... فما يحسّ بها نجم ولا قمر