الخر والخرور السقوط من علو والانكباب على الأرض كما قال:{يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّدًا}{وصَعِقًا}؛ أي: صاعقا صائحا مغشيا عليه، يقال: صعق الرجل، من باب فرح، فهو صعق ومصعوق، إذا أصابته الصاعقة، والمعنى: أنّه صار حاله لما غشي عليه كحال من يغشى عليه {فَلَمَّا أَفاقَ} يقال: أفاق إذا رجع إليه عقله وفهمه بعد ذهابهما بالغشيان، والإفاقة رجوع الفهم والعقل إلى الإنسان بعد جنون أو سكر أو نحوهما، ومنه إفاقة المريض وهي رجوع قوته، وإفاقة الحلب وهي رجوع الدر إلى الضرع، يقال: استفق ناقتك، أي أتركها حتى يعود لبنها، والفواق ما بين حلبتي الحالب، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى اه «سمين».
{إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي} والاصطفاء وكذا الاجتباء: اختيار صفوة الشيء؛ أي: خالصه الذي لا شائبة فيه {بِرِسالاتِي} والمراد به المصدر؛ أي: بإرسالي إياك، أو على أنّه على حذف مضاف؛ أي: بتبليغ رسالتي {وَبِكَلامِي} يحتمل أن يراد به المصدر؛ أي: بتكليمي إياك، فيكون كقوله:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا}. ويحتمل أن يراد به التوراة، وما أوحاه إليه من قولهم:
القرآن كلام الله، تسمية للشيء باسم المصدر، وقدم الرسالة على الكلام لأنّها أسبق، أو ليترقى إلى الأشرف، وكرر حرف الجر تنبيها على مغايرة الاصطفاء للكلام كما مر.
{سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ} التكبر: التكثر، من الكبر وهو: غمط الحق بعدم الخضوع له، ويصحبه احتقار الناس، فصاحبه يرى أنّه أكبر من أن يخضع لحق أو يساوي نفسه بشخص، والرشد والرشد والرشاد مصادر، كالسقم والسقم والسقام، واختلف في معنى الرشد والرشد، هل هما بمعنى واحد أم لا؟ فقال الجمهور: نعم هما لغتان في المصدر، كالبخل والبخل، والسّقم والسّقم، والحزن والحزن. وقال أبو عمرو بن العلاء: الرشد - بضم فسكون - الصلاح في النظر، وبفتحتين في الدين قال: ولذلك أجمعوا على قوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} بالضم والسكون، وعلى قوله:{فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} بفتحتين، وروي عن ابن عامر:{الرشد} - بضمتين - فكأنّه من باب الإتباع اه «سمين». وبالجملة الرشد الصلاح والاستقامة، وضده الغي والفساد،