للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كذلك لتعدَّى إلى اثنين؛ لأنّه قبل التضعيف يتعدَّى لواحدٍ، نحو: قفوت زيدًا، ولكنّه ضُمِّن بمعنى جئنا، كأنَّه قيل: وجئنا من بعده بالرسل، وأصله: قفَّونا، ولكن لمَّا وقعت الواو رابعةً قلبت ياء، واشتقاقه من قفوته إذا اتبعت قفاه، ثُمَّ اتسع فيه، فأُطلق على كُلِّ تابع وإن بعد التابع من زمان المتبوع، كما مرّ آنفًا، والقفا: مؤخّر العنق، ويقال له: القافية أيضًا، ومنه قافية الشعر.

{بِالرُّسُلِ} جمع رسول بمعنى: المرسل، ولا ينقاس فُعْلٌ في فعول بمعنى مفعول، وتسكين عينه لغة أهل الحجاز، والتحريك لغة بني تميم {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} عيسى: اسمٌ أعجميٌّ، علم لا يصرف للعجمة والعَلَميَّة، ووزنه عند سيبويه: فِعْلى، والياء فيه مُلْحَقةٌ ببنات الأربعة بمنزلة ياء معزى؛ يعني: بالياء، الألف سمَّاها ياءً؛ لكتابتهم إيّاها ياءً. قال أبو علي: وليست، ألفه للتأنيث، كالتي في ذكرى؛ بدلالة صرفهم له في النكرة، ومن زعم أنّه مشتقٌّ من العيس وهو بياضٌ يخالطه شُقْرةٌ، فغير مُصيب؛ لأنَّ الاشتقاق العربيَّ لا يدخل الأسماء الأعجمية {ابْنَ مَرْيَمَ} مريم باللُّغة السريانية، معناه: الخادم، وسُمّيت به أمُّ عيسى، فصار علمًا، فامتنع الصرف للتأنيث والعلمية، ومريم باللِّسان العربي من النساء، كالزِّيْرِ من الرجال، وبه فُسِّر قول رؤْبة:

قُلْتُ لِزِيْرٍ لَمْ تَصلْهُ مَرْيَمُهْ

والزِّيْرُ: الذي يُكْثِرُ خُلطةَ النساء وزيارتَهنّ، والياء فيه مبدلة من واو، كالريح، إذ هما من الزَّوْرِ، والرَّوْحِ، فصار هذا اللفظ مشتركًا بالنسبة إلى اللِّسانين، ووزن مَرْيَم عند النحويِّين مَفْعَلٌ؛ لأنَّ فَعْيَلًا بفتح الفاء لم يثبت في الأبنية، كما ثبت نحو: عَثْبَرٍ، وعَلْبَبٍ. قاله الزمخشري، وغيره {الْبَيِّنَاتِ} جمع بَيِّنَة بوزن فَيْعِلَة، فأصلها: بَيْيَنَةٌ بوزن فيْعَلَة، أدغمت ياء فيعل في عين الكلمة، وكذلك بَيِّنَاتٌ وَزْنُه فَيْعِلاتٌ، والبَيّنُ: الواضح من كل شيء من بان إذا وضح وظهر. {وَأَيَّدْنَاهُ} وفي "المختار": آد الرجل: اشتدَّ وقوى، وبابه: باع، والأيد والآد بالمدِّ: القوَّةُ، تقول: أيَّده تأييدًا، والفاعل منه مُؤيِّد بوزن مُكَرِّم، وتأيَّد الشيء تقوَّى، ورجلٌ أيِّدٌ بوزن جَيّدٍ؛ أي: قَوِيٌّ. اهـ. يقال: أيَّد تأييدًا من باب