البَغْيُ: الظلم، وأصله: الفساد، من قولهم: بغى الجرح إذا فسد. قاله الأصمعي. وقيل: أصله: شدة الطلب، ومنه ما نَبْغِي، ومنه سُمِّيت الزانية: بَغِيًّا؛ لشدّة طلبها للزنا {باءوا بغضب} أصله: بَوَأ، تحرَّكت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، ثمّ أسند الفعل إلى ضمير الجماعة، فبني على الضمّ {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} مهين: اسم فاعل من أهان الرباعي، واشتقاقه من الهوان، فأصله: مُهْوِنٌ على وزن مُفْعِل، نقلت حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله، فسكنت الواو، إثر كسرة، فقلبت ياءً حرف مدّ، والإهانة: الإذلال، ويقال: هان هوانًا لم يُحْتَمل به، وهو معنى الذُّلِّ، وهو كون الإنسان لا يُؤْبَهُ به، ولا يُلْتَفت إليه {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} والوَرَاءُ من الظروفِ المتوسطةِ التصرفِ، وتكون بمعنى: قُدَّام، وبمعنى: خلف، وهو الأشهر فيه.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المجاز المرسل في قوله: {لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ}؛ أي: لا تُسَبِّبُوْا في إراقة دمائكم؛ لأنَّ من أراق دم غيره، فكأنَّما أراق دم نفسه، فهو من باب المجاز بأدنى ملابسةٍ؛ أو لأنّه يوجب قصاصًا، فهو من باب إطلاق المسبَّب وإرادة السبب.
ومنها: الاستعارة التصريحيَّة التبعيَّة في قوله: {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ}؛ لأنّه استعار الإقرار لقبول الميثاق ورضاه، ثُمَّ اشتقَّ منه أقررتم بمعنى: قبلتم على طريقة الاستعارة التصريحية التبعيَّة.
ومنها: الإسناد العقليُّ في قوله: {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ}؛ لأنَّ الإقرار إنَّما وقع للأسلاف، فأسنده إلى الأخلاف الذين خوطبوا بهذا الكلام؛ لرضاهم بما فعل أسلافهم.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} عبَّر عن قتل الغير