يسرقه الشياطينُ من أموالِ الخائِنين، وأموال من لم يذكر اسم الله عليه، ويأتي به، وإمّا بغير ذلك، من قتل أعدائهم، أو إمراضهم، أو جَلْبِ من يهوونه وكثيرًا ما يتصوَّر الشيطان بصورة الساحر، ويقف بعرفاتٍ ليظنَّ مَنْ يُحسِن الظنَّ به أنّه وقف بعرفات، وقد زيَّن لهم الشيطان أنَّ هذا كرامات الصالحين، وهو من تلبيس الشيطان، فإنَّ الله تعالى لا يُعبد إلّا بما هو واجبٌ، أو مستحبٌّ، وما فعلوه ليس بواجبٍ، ولا مستحبٍ شرعًا، بل هو منهيٌّ عنه حرامٌ، ونعوذ بالله من اعتقاد ما هو حرامٌ عبادةً، ولأهل الضلال الذين لهم عبادةٌ على غير الوجه الشرعيّ، مكاشفاتٌ أحيانًا، وتأثيراتٌ يأوون كثيرًا إلى مواضع الشياطين التي نهي عن الصلاة فيها، كالحمَّام، والمزبلة، والمقبرة، وأعطان الإبل، وغير ذلك مما هو من مواضع النجاسات؛ لأنَّ الشياطين تنزل عليهم فيها، ويخاطبهم ببعض الأمور، كما يخاطبون الكفار، وكما كانت تدخل في الأصنام وتكلّم عُبَّاد الأصنام.
قال العلماء: إن كان في السحر ما يخل شرطًا من شرائط الإيمان، من قول، وفعل، كان كفرًا، وإلا لم يكن كفرًا، وعامَّة ما بأيدي الناس من العزائم، والطَّلاسم، والرُّقي التي لا تفهم بالعربية، فيها ما هو شِرْكٌ وتعظيمٌ للجن، ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرُّقي التي لا يفهم معناها بالعربية؛ لأنَّها مظنَّة الشرك، وإن لم يعرف الرَّاقي أنّها شركٌ، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه رخّص في الرُّقي ما لم تكن شركًا، وقال "مَن استطاع أن ينفع أخاه فليفعل" ولذا نقول: إنه يجوز أن يكتب للمصاب، وغيره من المرضى شيءٌ من كتاب الله تعالى، وذكره. بالمداد المباح، ويُسقى، أو يعلَّق عليه، وفي أسماء الله تعالى، وذكره خاصَّةً قمع الشياطين، وإذلالهم، ولأنفاس أهل الحق تأثيراتٌ عجيبةٌ؛ لأنّهم تركوا الشهوات، ولزموا العبادات على الوجه الشرعيِّ، وظهر لهم حكم قوله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ولذا يطيعهم الجنُّ والشياطين، ويستعبدونهم، كما استعبدها سليمان عليه السلام، بتسخير من الله تعالى، وإقداره.
واعلم: أنَّ حكم الساحر القتل ذكرًا كان أو أنثى، إذا كان سعيه بالإفساد، والإهلاك في الأرض، وإذا كان سعيه بالكفر، فيقتل الذكر دون الأنثى، فتضرب، وتحبس؛ لأنَّ الساحرة كافرةٌ، والكافرةُ ليست من أهل الحرب، فإذا كان الكفر