أُعلّ بحذف لامه؛ لمناسبة باء الأمر؛ لأنّه من الرعاية، يقال: راعى يراعي مراعاة، إذا نظر في مصالح الإنسان، وتدبير أموره.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة المكنية في قوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} حيث شبَّه حبَّ عبادة العجل بمشروب لذيذ سائغ الشراب، وطوى ذكر المشبَّه به، ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الإشراب على طريق الاستعارة المكنية، قال في "تلخيص البيان"، وهذه استعارةٌ، والمراد: وصف قلوبهم بالمبالغة في حُبِّ العجل، فكأنَّها تشرَّبَتْ حُبَّه، فمازجها ممازجة المشروب، وخالطها مخالطة الشيء الملذوذ، وقال بعضهم فيه: التشبيه البليغ؛ أي: جعلت قلوبهم لتَمَكُّن حب العجل منها، كأنَّها تشرب، ومثله قول زهير:
وإنما عبَّر عن حُبّ العجل بالشرب دون الأكل؛ لأنَّ شُرْبَ الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها، والطعامُ لا يتغلغل فيها.
ومنها: التهكُّم في قوله: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} حيث أسند الأمر إلى إيمانهم، وكذلك إضافةُ الإيمان إليهم، أمَّا الثاني فظاهرٌ في قوله تعالى:{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} تحقيرًا ودلالة على أنَّ مثل هذا لا يليق أن يسمَّى إيمانًا إلّا بالإضافة إليكم، وأمَّا الأوّل؛ فلأنَّ الإيمان إنّما يأمر ويدعو إلى عبادة من هو في غاية العلم والحكمة، فالإخبار بأنَّ إيمانهم يأمر بعبادة ما هو في غاية البلادة، في غاية التهكم والاستهزاء، سواءٌ جعل يأمر به بمعنى يدعو إليه أم لا. انتهى. من "الكرخي".
ومنها: التنكير في قوله: {عَلَى حَيَاةٍ}؛ للتنبيه على أنَّ المراد بها حياةٌ مخصوصة، وهي الحياة المتطاولة التي يعمر فيها الشخص ألوفًا من السنين.