للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأصبحت مثل الفرخ في العشّ ثاويا ... إذا رام تطيارا يقال له قع

وهو كثير، ثم يعكس فيشبّه بالشيخ، كما قال أبو نواس يرثي خلفا الأحمر (١):

[من الرجز]

لو كان حيّ وائلا من التّلف ... لوألت شغواء في أعلى شعف

أمّ فريخ أحرزته في لجف ... مزغّب الألغاد لم يأكل بكفّ

كأنه مستقعد من الخرف وأعاده في قصيدة أخرى في مرثيته أيضا (٢): [من المنسرح]

لا تئل العصم في الهضاب، ولا ... شغواء تغذو فرخين في لجف

تحنو بجؤشوشها على ضرم ... كقعدة المنحنى من الخرف

ويشبّه الظّليم في حركة جناحيه، مع إرسال لهما، بالخباء المقوّض، أنشد أبو العباس لعلقمة (٣): [من البسيط]

صعل كأنّ جناحيه وجؤجؤه ... بيت أطافت به خرقاء مهجوم

اشترط أن تتعاطى تقويضه خرقاء، ليكون أشدّ لتفاوت حركاته، وخروج اضطرابه عن الوزن، وقال ذو الرمة: [من الطويل]

وبيض رفعنا بالضّحى عن متونها ... سماوة جون كالخباء المقوّض

هجوم عليها نفسه غير أنّه ... متى يرم في عينيه بالشّبح ينهض

قالوا في تفسيره: يعني بالبيض بيض النعام، و «رفعنا»، أي: أثرنا عن ظهورها.

و «سماوة جون» أي: شخص نعام جون، و «سماوة الشيء»، شخصه. و «الجون» الأسود هاهنا، لأنه قابل بين البياض والسواد. ثم شبّه النّعام في حال إثارته عن البيض بالخباء المقوّض، وهو الذي نزعت أطنابه للتحويل. والبيت الثاني من أبيات


(١) البيت في ديوان أبي نواس ص ١٢٧. والبيت الثاني في الديوان صدره هكذا:
أم فريخ أحرزته في لجف الوائل: طالب النجاة، ووألت: نجت، الشغواء (بفتح فسكون) العقاب، والشعف: بفتحتين:
جمع شعفة، وهي رأس الجبل. والفريخ: تصغير الفرخ، واللجف: حفر في جانب البئر، والمزغب:
ذو الريش الدقيق.
(٢) البيت في ديوان أبي نواس ص ١٢٨. لا تئل: لا تنجو، الجؤشوش: الصرم، الضرم: فرخ العقاب.
(٣) البيت لعلقمة بن عبدة في ديوانه ص ٦٣. ولسان العرب (هجم)، وتاج العروس (هجم). ولذي الرمة في ملحقات ديوانه ص ١٩١١.

<<  <   >  >>