للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: ظاهره الاكتفاء بالتعفير، والذي جزم به متأخرو علمائنا لا يكفي ذَرُّ التراب على المحل، بل يعتبر مائع يوصله إليه، ذكره أبو المعالي، و"التلخيص"، وفاقاً للشافعي، وقيد المتأخرون كون المائع ماءً طهوراً، ولعل ذلك حيث اعتبروها من السبع، وإلا فلا.

واستظهر في "الفروع" (١): يكفي ذَرُّه، ويُتبعه الماءَ، وهو ظاهر كلام جماعة، وصوبه في "الإنصاف" (٢)؛ لاقتضاء حديث عبدِ الله بنِ مُغَفلٍ - رضي الله عنه - الاكتفاء بذلك؛ فإنه يشعر بالاكتفاء بالتتريب بذر التراب على المحل، وإن كان خلطه بالماء لا ينافي كونه تعفيراً لغة؛ لأن لفظ التعفير يطلق على ذَرِّهِ على المحل، وعلى إيصاله بالماء إليه، لكن الحديث الذي دل على اعتبار مسمى الغسلة يدل على خلطه بالماء، وإيصاله إلى المحل به، وذلك أمر زائد على مطلق التعفير، على تقدير شمول اسم التعفير للصورتين معاً؛ أعني: ذر التراب وإيصاله بالماء، فكان العمل به أولى، فلهذا اعتبرنا إيصاله بالماء إلى المحل، على المعتمد، ولا بد من استيعاب محل الولوغ بالتراب، والمذهب: يكفي مسحاً فيما يضر كالشاش دون غيره.

الثالث: جزم علماؤنا بإقامة نحو الأُشنان مما له قوة الإزالة مقامَ التراب، لا غسلة ثامنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح عمدة الفقه": هذا أقوى الوجوه (٣)، وصححه في "التصحيح"، والمجد في "شرحه"، و"تصحيح


(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) انظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ٣١١).
(٣) انظر: "شرح العمدة" لشيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>