للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيلتزمون بعقودهم مع المسلمين بأحكام الإسلام، وأما عقود بعضهم مع بعض، فلا يتعرض لهم فيها ما لم يرتفعوا إلينا، والله الموفق (١).

(أن تُحِدَّ): أن وما بعدها في تأويل مصدر فاعل [لا يحل؛ أي] (٢): لا يحل إحدادُها على ميّت، استدل به لمن قال: لا إحداد على امرأةِ المفقود، لعدم تحقق وفاته، خلافًا للمالكية، ولمن قال: لا يجب الإحداد على البائن، على الأصح عندنا كالشّافعيّة، خلافًا لسعيد بن المسيَّب، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وبعدم وجوب الإحداد على البائن، قال عطاء، وربيعة، ومالك، وابن المنذر: ونحوه قول الإمام الشّافعيّ.

قلت: قال صاحب "الهدي" في القول بوجوب الإحداد: قال: وهو قول من ذكرنا، والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، واختارها الخرقي، قال: وهذا محض القياس؛ لأنها معتدة بائن من نكاحٍ، فلزمها الإحداد كالمتوفى عنها؛ لأنهما اشتركا في العدّة، واختلفا في سببها (٣).

وقال الإمام شمس الدين بن أبي عمر في تأييد المذهب: الحديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميّت" دلّ على أن الإحداد إنما يجب في عدّة الوفاة، والبائنُ معتدّةٌ من غير وفاة، فلم يجب عليها، كالرجعية، والموطوءة بشبهةٍ؛ ولأن الإحداد في عدة الوفاة لإظهار الأسف على فراق زوجها وموته، وأما الطلاق، فإنه فارقها باختيار نفسه، وقطع نكاحها منافٍ لتكليفها الحزنَ عليه (٤).


(١) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٦٩٨ - ٦٩٩).
(٢) [لا يحل أي] ساقطة من "ب".
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٧٠٠).
(٤) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (٩/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>