للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الرجعية، فلا إحداد عليها بغير خلاف، ونقل في "الفتح": الإجماع على ذلك (١).

(فوق ثلاث) من الليالي بأيامها (إلا على زوج) سواء كان أبًا أو غيره، وأما ما رواه أبو داود في "المراسيل" من رواية عمرو بن شعيب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للمرأة أن تحد على أبيها سبعة أيام، وعلى من سواه ثلاثة أيام (٢)، فلم يصح؛ لأنه مرسل أو معضل؛ لأنّ جُلَّ رواية عمرو بن شعيب عن التابعين، ولم يرو عن أحد من الصحابة إلا الشيءَ اليسير عن بعض صغار الصحابة، ووهم من تعقب على أبي داود تخريج هذا الحديث في "المراسيل"، فقال: عمرو بن شعيب ليس تابعيًا، فلا يخرج حديثه في "المراسيل"، وهذا تعقب مردود لِما قلناه، لاحتمال أن يكون أبو داود كان يخص المرسل برواية التابعي كما هو منقول عن غيره -أيضًا-، كما في "الفتح" (٣).

واستدل به على جواز الإحداد على غير الزوج من قريب ونحوه ثلاث ليال فما دونها، وتحريمه فيما زاد عليها، وكأن هذا القدر أبيح لأجل حفظ النفس ومراعاتها، وغلبة الطباع البشرية، ولهذا تناولت أم حبيبة وغيرُها الطيب لتخرجَ به عن عهدة الإحداد، مع تصريحها بأنها لم تتطيب لحاجة، إشارة إلى أن آثار الحزن باقية عندها، لكنها لم يسعها إلا امتثال الأمر (٤).

وأما الأَمَة وأمُّ الولد، فلا إحداد عليهما (٥)، نعم لهما أن يحدا على


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٨٦).
(٢) رواه أبو داود في "المراسيل" (٤٠٩).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٨٦).
(٤) المرجع السابق، (٩/ ٤٨٧).
(٥) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (٩/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>