للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج نفيل يشتد حتى أصعد في الجبل، فأرسل الله -عز وجل- طيرًا من البحر أمثال الخطاطيف، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار، حجرانِ في رجليه، وحجرٌ في منقاره أمثال الحِمِّص والعدس، فلما غشين القوم، أرسلتها عليهم، فلم تصب تلك الحجارة أحدًا إلا هلك، وليست كلَّ القوم أصابت، وخرجوا هاربين لا يهتدون إلى الطريق الذي منه جاؤوا، يتساءلون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن، ونفيل ينظر إليهم من بعض تلك الجبال، وصرخ القوم، وماج بعضهم في بعض يتساقطون بكل طريق، ويهلكون كل مهلك، وبعث الله على أبرهة داء في جسده، فجعل تتساقط أنامله، كما سقطت أنملة، أتبعها مِدَّة من قيح ودم، فانتهى إلى صنعاء وهو مثل فرخ الطير فيمن بقي من أصحابه، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، ثم هلك.

قال الواقدي: فأما محمود فيلُ النجاشي، فربض، ولم يجسر على الحرم، فنجا، والفيل الآخر شَجُع؛ أي: جَسُرَ، فحُصب، أي: رُمي بالحصباء، رواه ابن إسحاق عن بعض أهل العلم، عن سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهو المشار إليه بقوله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: ١] السورة، وكان ذلك قبل مولد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والمشهور أنه كان في العام الذي ولد وفيه - صلى الله عليه وسلم -.

قال مقاتل: كان معهم فيل واحد، وقال الضحاك: كانت ثمانية، وقيل: اثنا عشر سوى الفيل الأعظم (١)، (وسلط عليها)؛ أي: على مكة


(١) انظر: "السيرة النبوية" لابن إسحاق (١/ ٣٨)، وما بعدها، و"تفسير الطبري" (٣٠/ ٢٩٩) وما بعدها، وعنه نقل الشارح -رحمه الله-، و"الثقات" لابن حبان (١/ ١٦)، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>