للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي: إن اتسعت العاقلة، لم يلزم الجانيَ شيء، وإن لم تتسع العاقلة لها، لزمه.

وقال أبو حنيفة: هو كأحد العاقلة، يلزمه ما يلزم أحدَهم.

واختلف أصحاب مالك عنه، فقال ابن القاسم كقول أبي حنيفة، وقال غيره: لا يجب على الجاني الدخول مع العاقلة.

وعلى معتمد مذهبنا: متى لم تتسع العاقلة لتحمل جميع الدية، انتقل باقي ذلك في بيت المالك، والأصل فيه حديث حويصة ومحيصة (١).

وعند الشافعي: الأقربُ الإخوةُ فبنوهم وإن نزلوا، فالأعمام فبنوهم، ويقدم مُدْلٍ بأبوين على مدلٍ بأب كالإرث، وقال أبو حنيفة: القريب والبعيد في التحمل سواء، فيقسم على جميعهم؛ لأن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - جعل دية المقتول على عصبة القاتل (٢).

الثاني: اختلفوا فيما تحمله العاقلة، هل هو مقدَّر أو لا؟ فمعتمد مذهبنا: أن ما يحمل كل واحد من العاقلة غيرُ مقدر، ويرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، فيحمل كل إنسان ما يسهل عليه ولا يشق، بل يحمل كل واحد على قدر ما يطيق، وهذا مذهب مالك؛ لأن التقدير إنما يثبت بالتوقيف لا بالرأي والتحكم، ولا نص من الشارع في هذه المسألة، فوجب الرجوع فيها إلى اجتهاد الحاكم كمقادير النفقات.

وعن الإمام أحمد رواية ثانية: أنه يُفرض على الموسر نصفُ مثقال؛ لأنه أقل مالك يتقدر في الزكاة، فكان معتبرًا بها، وعلى المتوسط ربعُ مثقال؛


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (٢/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>