للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن [التِّين] (١): قيل: المراد: جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وجُعلت لغيري مسجدًا، ولم تُجعل له طهورًا؛ لأن عيسى - عليه السلام - كان يَسيح في الأرض، ويُصلي حيث أدركته الصلاة، كذا قال، وسبقه إلى ذلك الداودي.

وقيل: إنما أُبيحت لهم في موضع يتيقنون طهارته، بخلاف هذه الأمة، فأُبيح لها في جميع الأرض، إلَّا فيما تيقنوا نجاسته.

والأظهر: قولُ الخطابي، وهو أن مَنْ قبله إنما أُبيحت لهم الصلوات في أماكن مخصوصة، كالبِيَع والصوامع (٢). ويؤيده رواية عمرو بن شعيب بلفظ: "وكان مَنْ قبلي إنما كانوا يُصَلُّون في كنائِسهم" (٣)، وهذا نص في موضع النزاع، فثبتت الخصوصية.

ويؤيده أيضاً: ما أخرجه البزار من حديث ابن عباس بنحو حديث الباب، وفيه: "ولم يكن أحدٌ من الأنبياء يصلي حتى يبلغَ محرابَهُ " (٤).

(وطهورًا): بالنصب عطفًا على مسجدًا.

وقد استدل به على أن الطهور هو المطهِّرُ لعْيره؛ لأنه لو كان المراد به: الطاهر، لم تثبت الخصوصية، والحديث سيق لإثباتها.

وقد روى ابن المنذر، وابن الجارود بإسنادٍ صحيح مرفوعًا: "جُعلت


(١) في الأصل "التيمي"، والتصويب من "الفتح".
(٢) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ١٤٦).
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.
(٤) رواه البزار في "مسنده" (٨/ ٢٥٨ - "مجمع الزوائد" للهيثمي)، وقال: فيه من لم أعرفهم. ورواه أيضًا: البخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ١١٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>