الوصول إلى الحكومة تخالف أساليب الدعوة. فيجب علينا أن ننقي عقولنا ونفوسنا ونجردها للدعوة وللدعوة فحسب والخدمة والتضحية والإيثار وإخراج الناس بإذن الله من الظلمات إلى النور ومن الجاهلية إلى الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان المحرفة والنظم الجائرة والمذاهب الغاشمة إلى عدل الإسلام وظله، ولا يكون دفعنا إلى العمل والجهاد إلا إمتثال أمر الله والفوز في الآخرة وما أعد الله لعباده من الأجر والثواب، ثم الشفقة على الخلق والرحمة بالإنسانية المعذبة والحرص على نجاة الإنسان، فإذا كان ذلك لا يمكن في مرحلة من مراحل الدعوة أو في فترة من فترات التاريخ -بعد تغلغل مبادئ الدعوة في نفوس الدعاة ورسوخ العقيدة فيهم- إلا بالحكومة سعيا لها بمصلحة الدعوة والدين كما نسعى إلى الماء للوضوء ونجتهد لهذا السبب بنفس العقلية وبنفس السيرة وبنفس العفة والنزاهة والصدق والأمانة والخشوع والتجرد الذي نجتهد معه لواجبات الدين وأركانه والعبادات الأخرى، فلا فرق للمؤمن بين الحكومة وبين العبادات إذا حصل الإخلاص وصحت النية فكل في رضا الله وكل في سبيل الله وكل عبادة يتقرب بها العبد إلى الله.