سابعا: وأما استدلالهم بالاية التي تنهي عن التقديم بين يدي الله ورسوله علي تحريم القياس فنقول ان العمل بالقياس عمل بالكتاب والسنة لاننا نقيس علي ما ثبت بالكتاب والسنة ثانيا ان الشرع دل علي مشروعية القياس وعمل به الصحابة ومن بعدهم قبل ان ان ياتي من نازع في القياس فانتم من شق عصا الامة وخالف الاجماع قال ابن كثير في تفسير الاية (أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه، أي: قبله، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ، لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن:"بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله. قال:"فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله. قال:"فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال:"الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله، لما يرضي رسول الله".
وقد رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (٥) . فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله.)
ثامنا: وأما قولكم ان القياس يؤدي إلي الاختلاف وان الله نهانا عن الاختلاف لانه يؤدي الي النزاع والضعف فقال (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) فنقول ان النهي متوجه الي الامة في السياسة والحروب والامور العسكرية وسياق الايات يقرر ذلك قال تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)) الانفال ٤٥-٤٧