للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا نَرَاكَ إلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} فَاعْتُبِرُوا صُورَةَ مُجَرَّدِ الْآدَمِيَّةِ وَشَبَهَ الْمُجَانَسَةِ فِيهَا، وَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَحَدِ الشَّبَهَيْنِ حُكْمُ الْآخَرِ؛ فَكَمَا لَا نَكُونُ نَحْنُ رُسُلًا فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ، فَإِذَا تَسَاوَيْنَا فِي هَذَا الشَّبَهِ فَأَنْتُمْ مِثْلُنَا لَا مَزِيَّةَ لَكُمْ عَلَيْنَا، وَهَذَا مِنْ أبطل الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّ الْوَاقِعَ مِنْ التَّخْصِيصِ وَالتَّفْضِيلِ وَجَعْلِ بَعْضِ هَذَا النَّوْعِ شَرِيفًا وَبَعْضَهُ دَنِيًّا، وَبَعْضَهُ مَرْءُوسًا وَبَعْضَهُ رَئِيسًا، وَبَعْضَهُ مَلِكًا وَبَعْضَهُ سُوقَةً، يُبْطِلُ هَذَا الْقِيَاسَ، كَمَا أَشَارَ سُبْحَانَهُ إلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّك نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سِخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّك خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} .

وَأَجَابَتْ الرُّسُلُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِمْ: {إنْ نَحْنُ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} وَأَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} .......وَمِنْ هَذَا قِيَاسُ الْمُشْرِكِينَ الرِّبَا عَلَى الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الصُّورِيِّ، وَمِنْهُ قِيَاسُهُمْ الْمَيْتَةَ عَلَى الْمُذَكَّى فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَجِئْ هَذَا الْقِيَاسُ فِي الْقُرْآنِ إلَّا مَرْدُودًا مَذْمُومًا) انتهي من اعلام الموقعين باختصار ومن ارد المزيد من الامثلة فليرجع اليه

<<  <   >  >>