وكلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف اهـ. وساقه عنه البيهقى وأقره وارتضاه الذهبى وأقره ابن حجر، فاعجب للمصنف مع اطلاعه على ذلك كيف أشار لصحته؟!.
قلت: إنما الزلل والعجب من الشارح الذي لا يد له في معرفة الحديث، يحكم بالزلل على المصنف الحافظ المجتهد الذي يصحح ويزيف بحسب ما أداه إليه اجتهاده لا بحسب ما رآه غيره، العجب من الشارح أيضًا إذ لم يمييز بين صنيع أهل الحديث في الرواية وصنيعهم في الحكم والدراية، كيف يجترئ على الكلام فيما لا يحسنه فإن المحدث الراوية المخرج قد يتكلم على الحديث باعتبار كل سند من أسانيده على أنفراده، ويخبر أنه لم يوجد له سند على شرط الصحيح أو الحسن على انفراده في رأيه الذي قد يكون غيره مخالفا له فيه.
أما الحديث في نفسه فلا يتعرض للكلام عليه، لأنه ليس من نظره ولا من وظيفته، والمحدث الفقيه صاحب النظر في الدراية واستنباط الأحكام ينظر إلى الحديث في ذاته ويحكم عليه أو له بمجموع طرقه لا بالنظر إلى كل واحد منها على انفراده، فكم حديث طرقه كلها ضعيفة، ولكن المتن مع ذلك صحيح أو متواتر بالنظر إلى المجموع وهذا الذي سماه المتأخرون صحيحًا لغيره، واحتج به الأئمة فيما لا يحصى من المسائل، حتى نسخوا به القرآن المقطوع به، كحديث:"لا وصية لوارث"، فإن أسانيده كلها ضعيفة، ومع ذلك احتجوا به بمجموع طرقه، ولو جمعت الأحاديث التي حكموا بصحتها وأسانيدها كلها ضعيفة لجاءت في مجلد حافل ضخم، وهذا الحديث منها، فإنه بالنظر إلى مجموع طرقه لا ينزل عن درجة الحسن بكل حال، فإذا نظر إلى وجود شواهده ارتقى إلى درجة الصحيح كما حكم به المصنف، وقد أخطأ الشارح هنا على عادته في مواضع:
الأول في قوله في الصغير: بطرق كلها واهية، فإن هذا اللفظ صريح في أن أبا