القول ويرد به الأحاديث المتعددة ويضعفها لا لدليل ولا برهان، بل يضعف كل دليل أيضًا يقاوم ذلك النقل ويعارضه، فلا يهولنك اجتماعهم على أمر واتفاقهم على شيء، ولا تعتمد عليه حتى تعلم صحته أو بطلانه من جهة الدليل، فإن أهل التحقيق والنظر لو سلكوا طريقتهم هذه لأبطلوا ثلث الشريعة وردوا أكثر الأحاديث الصحيحة لولا أن اللَّه أيدهم بنوره وأمدهم بتوفيقه فضربوا بأقوالهم عرض الحائط وداسوا اتفاقاتهم بالأقدام، وتطلعوا بنظرهم الصائب إلى الحقائق فاستخرجوا الصواب من معدنه وأظهروا الحق بدليله وطردوا الباطل من أصله، فعلى أقوال مثلهم الاعتماد لا على من قصارى أمره الرواية والإسناد، فإنك إذا نظرت إلى اتفاقهم على عدم سماع الحسن من على تحسبه اتفاقا مبنيا على دليل وبناء مشيدا على أساس، فإذا بحثت في الأمر وحققت المسألة وجدتهم يتفقون في وقت الضحى على إنكار وجود الشمس في السماء، لأن أولهم الأعمى أنكرها فتابعوه على ذلك ثقه منهم بقوله وتقديما لتقليده على يقين حسهم، وهكذا تجد اتفاقهم على تضعيف عبد السلام بن صالح الهروى، وعلى إبطال حديث:"الطير" وحديث: "أنا مدينة العلم"، وغير هذا مما يطول ذكره ويصعب تتبعه ومنه هذا الحديث، فإن النظر لا يوافق ما يقولونه والدليل لا يصدق ما يدعونه، لأن من تابعوا الجارود على هذا الحديث لو كانوا كلهم كذابين لأمكن أن يتهموا بسرقة هذا الحديث منه، لكن الواقع ليس كذلك، بل فيهم من كذاب متهم وفيهم من هو مستور لم يضعف إلا بسبب رواية هذا الحديث كما فعلوا في جماعة رووا حديث:"الطير"، وحديث:"العلم" ونحوهما، ومنهم من هو ثقة لا يمكن أن يتهم بكذب ولا سرقة.
قال الخطيب [١/ ٣٨٢]:
أخبرنا على بن طلحة المقرى أخبرنا صالح بن محمد الهمدانى الحافظ قال: