للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصح إسنادًا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان

وحيثما يختل ركن أثبِتِ ... شذوذه لو أنه في السبعة

ويقول المرداوي الحنبلي: «الصحيح من مذهب الإمام أحمد، وعليه أصحابه: أن الشاذ: ما خالف مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، الذي كتبه وأرسله إلى الآفاق، فتصح قراءة ما وافقه وصح سنده، وإن لم يكن من العشرة، نص عليه الإمام أحمد» (١).

ويقول الشوكاني: «إذا تقرر لك إجماع أئمة السلف والخلف على عدم تواتر كل حرف من حروف القراءات السبع، وعلى أنه لا فرق بينها وبين غيرها إذا وافق وجهًا عربيًّا، وصح إسناده، ووافق الرسم ولو احتمالًا بما نقلناه عن أئمة القراء، تبين لك صحة القراءة في الصلاة بكل قراءة متصفة بتلك الصفة سواء كانت من قراءة الصحابة المذكورين في الحديث أو من قراءة غيرهم» (٢).

وسيأتي مناقشة صحة الصلاة بها، وهل يلزم من ثبوتها قراءةً ثبوتها قرآنًا.

وقسم المالكية والشافعية الشاذ إلى قسمين:

الأول: شاذ مخالف للرسم العثماني، فهذا لا يقرأ به، وتبطل به الصلاة.

الثاني: شاذ موافق لرسم المصحف، قال المالكية: فهذا لا تبطل به الصلاة، وإن حرمت القراءة به.

وقال الشافعية: تصح صلاته بشرط ألا يتغير المعنى.

وقد رسم المالكية هذا الشاذ في كل قراءة لم يقرأ بها السبعة واحتملت موافقته لرسم المصحف، وذلك نحو (أساء) في قوله تعالى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء} [الأعراف: ١٥٦]، فإنه قرئ شاذًّا فعلًا ماضيًا مهمل السين (أَسَاء) فهو موافق للرسم العثماني؛ إذ لم يكن فيه نقط ولا شكل، والسبعة قرأته بشين معجمة.

ومثله نحو (خَلَقْتُ) في قوله تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَت} فإنه قرئ شاذًّا بفتح الخاء المعجمة واللام، وضم التاء، وكذا رفعت ونصبت،


(١). التحبير شرح التحرير (٣/ ١٣٨٤).
(٢). نيل الأوطار (٢/ ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>