(قال المفسر): إنما جاز استعمال (من) هاهنا مكان (عن) لأنه إذا حدثه عنه، فقد أتاه بالحديث من قبله. وكذلك إذا لهى عنه، فقد لهى من أجله وبسببه، فتكون (من) الأولى هي التي يراد بها ابتداء الغاية، (ومن) الثانية، إن شئت جعلتها التي يراد بها الغاية وإن شئت جعلتها التي بمعنى من أجل كقوله تعالى:(الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف).
[٤] مسألة:
وقال في هذا الباب:"إنما تأتي الباء بمعنى عن بعد السؤال" قال الله جل ذكره (فاسأل به خبيرا)[أي عنه] ويقال: أتينا فلاناً نسأل به: أي عنه.
وأنشد لعلقمة بن عبدة:
فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب
(قال المفسر): إنما جاز استعمال الباء مكان (عن) بعد السؤال، لأن السؤال عن الشيء إنما يكون عن عناية به، واهتبال بأمره فلما كان السؤال بمعنى العناية والاعتبال، عدى مما يعديان به. وأما قوله تعالى:(فاسأل به خبيرا) فإنه يحتمل تأويلين:
أحدهما: أن يكون فاسأل عنه العلماء ذوى الخبر من خلقه، فيكون من هذا الباب.