(ولكنما أهلي بواد أنيسه ... سباع تبغى الناس مثنى وموحد)
هذا البيت لساعدة بن جؤية الهذلي، وقبله:
وعاودني ديني فبت كأنما ... خلال ضلوع الصدر شرع ممدد
بأوب يدي صناجة عند مدمن ... غوى إذا ما ينتشي يتعرد
ولو أنه إذ حم ما كان واقعاً ... بجانب من يحفى ومن يتودد
رثى بهذا الشعر ابن عم له قتلته قسر. وقوله وعاودني ديني: أراد حاله التي كانت تعتاده. يقال: ما زال ذلك ديني ودأبي وديداني وديدوني: أي عادتي وحالي. والشرع: الوتر. يقول كأن بين أضلاعي غناء عود لكثرة حنيني وبكائي، والمدمن الذي يدمن شرب الخمر والغناء. ومعنى حُم: قُدر. ويحفى: يلطف. يقال: فلان يحفى بفلان ويتخفى به إذا رفق به ولطف. يقول لو أصابني هذا الرزء بجانب من يتحفى بي، ويهم بحالي، لهان على موقعه. فحذف جواب (لو) لما فهم المعنى ما قال تعالى (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) ولم يقل لكان هذا القرآن. وقوله (ولكنما أهلي بواد) يقول: ولكن الذي يعظم مصابي، أن أهلي بواد لا أنيس به إلا السباع التي تطلب الناس لتأكلهم اثنين اثنين وواحداً واحداً. ويمكن أن يريد السباع بأعيانها، ويحتمل أن يريد قوماً بمنزلة السباع.