والمبيت فيه للغريب، ولا ينبغي أن يتخذ مسكنًا إلا لمن تجرد للعبادة، ويرخص في الأكل اليسير فيه ويمنع منه الصبيان والمجانين من أكل الثوم والبصل ويرخص للنساء الصلاة فيه إذا أمن الفساد، ويكره للشابة الخروج إليه، ولا يتخذ المسجد طريقًا ولا يسل فيه سيف وإنما يفعل فيه ما بني له، ولا يجوز دخول المشرك المسجد وجوزه الشافعي إلا في المسجد الحرام وأبو حنيفة في كل مسجد اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى:(ويندب إلى عيادة المرضى)، يعني أنه يستحب للإنسان أن يعتني بحقوق المرضى بالتفقد في أحوالهم بالعيادة والتمريض. قال ابن جزي في القوانين: فالعيادة مستحبة وفيها ثواب. والتمريض فرض كفاية فيقوم به القريب ثم الصاحب ثم الجار ثم سائر الناس. وفي الحديث:((ما من رجل يعود مريضًا ممسيًا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح وكان له خريف في
الجنة، ومن أتاه مصبحًا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي وكان له خريف في الجنة)) اهـ. رواه أبو داود عن علي، كرم الله وجهه. وفي الرسالة: من حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يعوده إذا مرض. قال شارحها: لما في العيادة من ثواب عظيم فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من عاد مريضًا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس فإذا يغمس فيها)). ويطلب من الزائر أمور ليحصل له بها كمال الأجر: منها قلة السؤال عن حاله وإظهار الشفقة عليه من ذلك المرض، ومنها قلة الجلوس عنده إلا لحاجة أو يطلب منه ذلك، ومنها الدعاء له، ومنها وضع يده على بعض جسده إلا أن يكون يكره ذلك، ومنها أن يجلس عنده بخشوع من غير نظر في عورة منزله، ومنها أن يبشره بالمثوبات. وأما ما يحصل به كمال أجر المرض من تكفير الذنوب لما ورد من أن الأمراض كفارات للذنوب فهي أن يحافظ على طاعة ربه في مرضه ما استطاع فلا يضيعها بل يأتي بصلاته ولو من جلوس أو اضطجاع بقدر طاقته، وأن يكثر الرجاء ولا يقنط من عفو ربه ولا يكثر الشكوى إلا عند صالح ترتجى