قال سيبويه: وذلك قولك: هذه امرأة حائض، وطامث، وناقة ضامر يوصف به المؤنث، والمذكر.
وذهب الخليل، وسيبويه في ذلك وما كان نحوه أن الهاء إنما سقطت منه؛ لأنه لم يجر على الفعل وإنما يلزم الفرق
بين المذكر والمؤنث فيما كان جاريا على الفعل؛ لأن الفعل لا بد من تأنيثه، إذا كان فيه ضمير المؤنث كقولك: هند ذهبت، وموعظة جاءتك، ولزوم التأنيث في المستقبل ألزم وأوجب كقولك: هند تذهب، وموعظة تجيئك، وإنما صار في المستقبل ألزم؛ لأن ترك التأنيث لا يوجب تخفيفا في اللفظ؛ لأنه عدول عن ياء إلى تاء والتاء أخف.
وفي الماضي إذا تركت علامة التأنيث فقيل: موعظة جاءك فإنما يسقط حرف وتخف لفظة الفعل، فإذا كان الاسم محمولا على " الفعل " لزم الفرق بين المذكر والمؤنث لما ذكرته لك، فإذا حمل على غير الفعل صار بمنزلة قولهم: رجل دارع، ورامح.
ولا يقال: درع ولا رمح، فحائض عندهم بمنزلة: ذات حيض، وكذلك مرضع، بمنزلة: ذات إرضاع.
وقوم يقولون: إن سقوط علامة التأنيث من مثل هذا، لأنها أشباه، يختص بها المؤنث، وإنما يحتاج إلى الهاء للفرق بين المؤنث، والمذكر، فلما كانت هذه الأشياء مخصوصا بها المؤنث استغني عن علامة التأنيث. وقول أصحابنا ما قد ذكرت لك، والدليل على صحته أنّا رأينا أشياء يشترك فيها المؤنث والمذكر يسقطون الهاء فيها كقولهم ناقة ضامر، وجمل ضامر، وناقة بازل، وجمل بازل، وذلك كثير في كلامهم.
وقد رأينا أشياء يشترك فيها المؤنث والمذكر بالهاء فيهما كقولنا: رجل فروقة، وامرأة فروقة وملولة للذكر والأنثى.
ومما يدل على قوة قولهم أيضا أنّا نقول: امرأة حائضة غدا ومرضعة غدا فلا ينزعون الهاء؛ لأنه شيء لم يثبت.
وإنما الإخبار عنه على لفظ الفعل، وهو قولنا: تحيض غدا وترضع غدا، وقد يجوز أن تأتي في مثل هذا الهاء على معنى الفعل كقوله تعالى: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا