في مضاعَفِة الثواب في مسجد مكة والمدينة:"ثم المراد بالتضعيف السَّابق: في الأَجْر دون الإِجْزاء باتفاق العلماء، فالصَّلاةُ في أحدِ المساجدِ الثلاثة لا يُجزئُ عن أكثر من واحدةٍ إجماعًا، وما اشتهر على ألسنة العوام: "أنَّ من صلَّى داخل الكعبة أربع ركعات يكون قضاءَ الدهر" باطلٌ لا أَصْل له". انتهى.
وأمَّا ظنُّهم بأنَّ صَلاةً واحدةً، أو صلواتٍ خمسة تُجْزئ عن جميع فَوَائت عُمُره، فهو شَنَاعَةٌ ثالثة، لوجوه:
أحدها: أنَّ هذا أمرٌ لم يُعهد نظيرُه في الشَّرع، فلم يَرِد فيه عبادَةٌ تكون قائمةً مقامَ عبادات كثيرة، ومُجْزيةً عنها.
وثانيها: أنَّ القضاء دَيْنٌ من ديون الله في ذِمة عباده، وقد تقرَّر في مَقَرِّهِ: أنَّ الدِّيْن لا يَسقطُ عن ذِمَّة المدْيون إلَّا بالأداء أو بالإِبْراء، ومن المعلوم أنَّ أداء صلاةٍ واحدة، أو صلواتٍ خمسة ليس بأداءٍ لصلواتِ كثيرة، ولم يوجد الإِبْراء، فكيف يصحُّ الإِجْزاء.
وثالثها: أنَّ القضاءَ عبارةٌ عن تسليمِ مثلِ الواجب، كما نصَّت عليه أئمَّةُ الأصول، والمثْليّة بين صَلاةٍ واحدةٍ أو صَلَواتٍ خمسة لصلواتٍ كثيرة غيرُ معقول؛ ألا ترى أنَّه لو أدَّى مَنْ عليه أربع ركعات: ثلاث ركعات أو خمسَ رَكَعاتٍ لا يكون ذلك مُجْزيًا، فكيف يكونُ في رَكَعات عديدة إجزاءٌ عن آلاف ركعة؟
ورابعها: أنَّ قضاءً الفرضِ فرضٌ بالنَّص، ومن المعلوم أنَّ الفروض مُتزاحِمة، فلا بدَّ من تعيين ما يُريد أدَاءَهُ حتى تَبْرأَ ذمَّتَه، فإنَّ فرضًا من