للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ١ - ذهب الزهري وحماد بن زيد إلي أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل، والمراد بالكلمة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
٢ - وذهب الإمام البخاري ومحمد بن نصر المروزي وابن منده وابن عبد البر وغيرهم إلي أن الإسلام والإيمان مترادفان يراد بأحدهما ما يراد بالآخر.
٣ - وذهب أكثرُ أهل العلم من السلف إلي القول بأن الإسلام والإيمان إذا أُفرِدَ أحدهما شَمِل الدِّين كُلَّه أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله الظاهرة والباطنة.
وإذا قُرنَ بينهما وذُكرا معًا، فعند ذلك يفترقان في المعني فَيُراد بالإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الاعتقادات الباطنة.
وهذا القول هو القول الذي تجتمع عليه النصوص وهو أرجح الأقوال.
فإن المتتبع لآيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجد أن اسم الإيمان تارة يُذْكَرُ مُفْرَدًا غير مقرون باسم الإسلام، وتارة يُذكر مقرونًا به، وكذلك اسم الإسلام تارة يذكر مفردًا غير مقرون باسم الإيمان، وتارة يذكر مقرونًا به، وبالتالي فإنهما أحيانًا يكونان بمعنى واحد فهما مترادفان، وأحيانًا يُرَادُ مِن أحدِهما معنى مُغَايِرٌ لمعني الآخر، فهما مُتغايران.
وقد وَرَدت آيات في القرآن الكريم وأحاديث في سنة المصطفي - صلى الله عليه وسلم - تدل على أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالي: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ومنها: حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هذا. ومنها: حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى رهطًا وسعدٌ جَالِسٌ فيهم، قال سعد: فَتَرَكَ رسول الله بيمين منهم من لم يُعْطِهِ، وهو أعجبهم إلي، فقلت: يا رسول الله! ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراهُ مؤمنًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَ مُسلمًا" فأعادها سعد ثلاثًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَ مُسْلِمًا" [رواه البخاري (٢٧)، ومسلم (١٥٠)].
فهذه الأدلة تدل على أن الإسلام والإيمان متغايران.
ينظر في حكاية هذه الأقوال وأدلة كل فريق: "تعظيم قدر الصلاة" للمروزي (٢/ ٥٠٦ - ٥٣١)، و"الإيمان" لابن منده (١/ ١٣٠، ٣٢١)، و"التمهيد" لابن عبد البر (٩/ ٢٤٧ - ٥٣١)، و"الإيمان" للقاضي أبي يعلى (٤٢١ - ٤٣٨)، و"السنة" للخلال (٣/ ٦٠٢ - ٦٠٨)، و"المفهم" للقرطبي (١/ ١٤٠)، و"شرح السنة" للبغوي (١/ ١٠)، و"الفتاوى" لابن تيمية (٧/ ٣٥٩)، و"شرح الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (٢/ ٤٨٧ - ٤٩٤)، و"لوامع الأنوار" للسفاريني (١/ ٤٢٧).

<<  <   >  >>